عثمان بن حمد أباالخيل

يقف الإنسان أحياناً أمام سور ضخم لا يستطيع تجاوزه، فهو مُكون من ثقافات وعادات وتقاليد وموروثات اجتماعية وأعراف قبلية، والفرار منه كفرار الغزال من الأسد الجائع. القرار المر القرار الحنظلي إنه قرار أمرُّ من العلقم، ضغوط الحياة والأطراف الخارجية التي لا تدرك جسامة القرار وما سيخلفه من آثار مدمّرة وانكسارات مؤلمة والوقوف على شفا الهاوية. الرجل وحسب طبيعية وتركيبته السيكولوجية أسرع من المرأة في اتخاذ القرارات المصيرية التي تقف على أرض هشة هشاشة تلك المعلومات السرابية الهلامية التي تأخذه إلى عالم من اللاعودة. ما يحزنني أولئك المتفرجون الذين يضعون أيديهم خلف ظهورهم ويبتسمون، أولئك المتفرجون المقتنعون بالقتل الرحيم ولا يدركون أنّ قبلة الحياة أشد وقعاً على أصحاب القلوب الرحيمة والعقول المدركة معني القرار المُر.

القرار الُمر يُعمّر طويلاً ويتداول جيلاً بعد جيل، القرار المر القرار الحنظلي يصبح أشد وقعاً حينما تكون دائرة تأثيره كبيرة. مآسٍ وويلات وقلوب مكلومة جريحة وحقد دفين، هذه هي نتيجة القرار المر الذي يمكن تجاوزه حين نُحكّم العقل ونتأنى ألف مرة ولا نترك للشيطان وشياطين الإنس طريقاً إلى تحريك وهيجان الغضب الدفين في داخلنا. أعجبني ذلك الإنسان الحكيم الذي يدوّن غضبه في قصاصة ورق يكتب فيها ما يود قوله من عبارات جارحة وسخرية وكلمات مؤذية وقراره المر، ويترك تلك القصاصة إلى يوم الغد تدرون ما هي ردة فعله، كم أنا من إنسان مختل العقل لا أدرك ما هي نتيجة قراري أي حماقة وقلة عقل ستخزيني حين أسمع الطرف الآخر قراري المُر.

إن الإنسان الذي يتعود على التفكير الصحيح، الإنسان الذي يتعود على التفكير خارج الصندوق في حل المشكلات يستطيع أن يتخذ القرار بحكمة وصواب أكثر من ذلك الإنسان الذي يتهور ويقفل عقله بتلك الثقافات ويتخذ القرار المر. تلفتوا من حولكم في مجتمعكم الصغير وفي الدائرة الصغيرة ستجدون ما يعكر صفو الحياة وجمالها، صور كثيرة من الناس تعيش بينكم لكنها تعيش في دائرة الحزن، وفي كل مرة يحاولون الخروج من تلك الدائرة يجدون أنفسهم مدفوعين إلى داخلها، إنه البقاء المر داخل الدائرة.

على الرغم من مرارة الحنظل الشرى إلا أن له فوائد، من تلك الفوائد أنه علاج لآلام المفاصل والروماتيزم، وذلك عن طريق تطبيق لبخات من الحنظل على المنطقة المطلوب علاجها، كذلك تخفيف آلام الأسنان وإيقاف نزيف الدم. أما القرار المُر فلا فائدة منه على الإطلاق بل الضياع والتشتت. أقتبس (فكّر قبل أن تعزم، وتدبّر قبل أن تهجم، وشاور قبل أن تتقدم) الإمام الشافعي.

همسة في آذان أصحاب القرارات المرة، عليكم بالتحري والتروي في اتخاذ القرار المر الذي سيحول حياتكم إلى غابة موحشة وضمير يندم إذا كان لكم ضمير حي، فالعمر واحد والحياة جميلة حين تبتعدون عمّا يشوه جمالها. إذا رأيت جمال الحياة من حولك بكل تفاصيلها لنْ تُقدِم على اتخاذ قرار مُرْ.