عبد الرحمن بن محمد السدحان
* سُئلت مرةً عن التسابق المحموم على خدش الحياء العام، وكسر حاجز الخجل لدى الأجيال الشابة منها خاصة حتى يتسلل بين جمل وعبارات بعض المطبوعات ومثلها الفضائيات!
* * *
* فقلت: هناك جملة شعبية يردّدها أشقّاؤنا المصريون تقول (المخرج عاوزكده)! وقياسًا على ذلك يمكننا القول بشيء من الحذر والحزن معًا.. إن ظاهرة (العُري) في بعض وسائل الإعلام الغربي والعربي، سواء أكان صورة أم صوتًا.. أم كلمةً تستتر وراء جملة أو عبارة أم حركة بدن كل ذلك جاء استجابةً للوازم (التسويق) للمطبوعة أو المادة المرئية، أو حتى المسموعة أحيانًا!
* * *
* ويجب ألاّ يغيب عن البال في هذا الصدد أن الإعلام الذي نتحدث عنه، مقروءًا كان أم مرئيًا، هو في الأصل مشروع تجاري قائم على مناورات اقتصادية تتكيء على قانون الربح والخسارة. فهو من جهة يخوض معركة شرسة تنافسًا على سمع وبصر وحسّ الجمهور المتلقّي لمادته، تدفعه إلى ذلك حُمّى (الإعلان) الذي يمتص من رحيقه رغيفَ بقائه، وفي الوقت ذاته، يتنافس المعلنون بدورهم على حجز الدقائق والثواني عبر مساحات البث والنشر لعرض خدماتهم أو منتجاتهم، ويرجّحون القناةَ أو المطبوعةَ التي تستقطب أكبرَ حشد ممكن من المشاهدين أو القراء.. وهنا تأتي مهمة الإغراء عبر الصورة والصوت والكلمة ولغة البدن.. وتلعب (حواء) دور (الطُّعم) الشهيّ لاصطياد العيون!
* * *
* إذن، فنحن أمام معادلة معقّدة متعدّدة الأطراف:
*جمهور (يتمرد) على القوالب الإعلامية التقليدية.. بحثًا عن بديل أكثر إثارة وإمتاعًا للحس.. فيصوّت لصالح هذه القناة أو المطبوعة التي يجد فيها (ضالته)!
* وقناة فضائية (أو مطبوعة) تتسابق مع مثيلاتها طمعًا في نيل رضا المتلقّي وإشباع هواجس الذهن والحسّ عنده.
* ومعلنٌ يستثمر هذه الإشكالية الأخلاقية والحضارية لصالح مُنتجه، وتكون النتيجة عرضًا لاهثًا بأبطاله الثلاثة: الجمهور، والوسط الإعلامي، والمعلن!
* من جهة أخرى أشك في أن يتم فك الاشتباك بين هذه المعطيات أوبعضها في زمن تزحف فيه سَحابة العولمة الاقتصادية والأخلاقية والتقنية.. لتحجبَ الرؤية، وتفتنَ النفوس، لكن أعتقد أن في التربية.. بمضامينها المختلفة، بعضَ الحل، وفي الخيار الإعلامي العقلاني المحلي بعض الحل. حتى وإن تعذّر أن يكون في كل الأحوال بديلاً!
* * *
وبعد،
* اللهم استر عوراتنا في أي مكان أو زمان حِسًا أو لسَانًا أو ريشةً أو صورةً!
* * *
* من كلمات الفيلسوف سقراط: تجنب حب المرأة، ولا تخف من كراهية الرجل!
* وتعليقًا على هذا الموقف أقول: إنه موقف فظّ قليلُ الحكمة، شحيح الصواب، يفضح تحاملَ سقراط على المرأة، ويوقد نار الفتنة بينها وبين الرجل.. فسقراط من جهة يحرّض على كراهية المرأة.. بإنكار الحب لها أو منها.. ويجامل الرجل إلى درجة التفضيل له.. حتى لو مارس الكره!
* * *
* والقراءة الباطنة كما أراها لمغزى سقراط عبر مقولته هذه هي أن المرأة قد تحب الرجل بلا عقل.. فإذا أخفقت.. غدا حبها له كرهًا، ومن ثم يوصي سقراط بتجنبها في كلا الحالين أمانًا من تلك العقبى. أما الرجل (في العرف السقراطي) فإنه حتى لو كره.. يظل عقله حاضرًا.. فتؤُمنُ عقباه!
* * *
* مرة أخرى أقول: إن هذه سفسطة كلام لا تنسحب على أغلب نساء ورجال الأرض، فالحب يتغذى برحيق المودة والرحمة بين المرأة والرجل، وتنمو في فيئهما هويتهما، أما إذا كان هناك من يشذ عن هذه القاعدة أو يشط غلوًا، فهذا تأكيد للقاعدة ذاتها، لانفيا لها.
أما أنا. فلست سوى نقطة.. في رذاذ البشر.. أسعدُ بالحب وأشقى بالكراهية، شأني في ذلك شأن الأسوياء من البشر: أحبُّ ألاّ أكرهَ. وأكرهُ ألاّ أحب! والسلام!