محمد سليمان العنقري
انضم إلى قائمة المهن الطبية والهندسية وغيرها ممن تتطلب رخصة لمزاولة العمل وظيفة المعلم التي انتقلت لمرحلة تاريخية جديدة تتحول خلالها إلى مهنة بمعايير جديدة تسهم في تطوير رسالة التعليم ونواتجه لأن الكادر التعليمي هو ركيزة أي نهضة تعليمية تسعى لها الدول ولابد من تطوير إمكانياته ومهاراته وأيضاً تحفيزه وحفظ حقوقه، فاللائحة الجديدة للوظائف التعليمية التي شهدت نقاشاً واسعاً ومراجعة شاملة وتأجل العمل بها شهورًا عدة حتى تستوفي أفضل ما يمكن أن تشتمل عليه لتطوير الكادر التعليمي ليواكب العصر الحديث بالتقدم العلمي ووسائله، فطلاب اليوم يجيدون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة وأصبح لديهم كم معرفي كبير من خلال انتشار استخدام الأجهزة الحديثة والتواصل المفتوح مع العالم والاطلاع على كل جديد، وهو ما يعني أن عصر تكنولوجيا المعلومات وتدفقها الضخم ساهم بسهولة الحصول على أي معلومة أو شرحها، ولذلك لابد في المقام الأول تطوير مهارات المعلمين لكي يتعاملوا مع واقع الانتشار المعرفي بين الطلاب والطالبات بقدرات عالية لكي يصقلوا معلوماتهم ويساعدوهم في توسيع مداركهم وقدرتهم على تحليل وفهم تلك المعلومات، فالمناهج باتت موجودة على الشبكة العنكبوتية ويمكن لأي طالب الاطلاع عليها، ولكن يبقى للعلم الدور الرئيس بقيادة الطلبة لبر الأمان في ما يخص فهمهم للمناهج وتدريبهم عليها بطريقة علمية ومنهجية مهنية.
فمن خلال ما ورد في اللائحة يتضح الاتجاه القادم لتمهين وظيفة التعليم والانتقال لمعايير جديدة في التقييم والترقية التي لم تعد ترتبط بوجود مرتبة شاغرة، وهو عامل محفز على تطوير المهارات والخبرات للحصول على الترقية كما أن المزايا المالية لن تتأثر بحسب ما ورد باللائحة، حيث إن صافي الراتب لن ينقص عند البدء بالتسكين وفق النظام الجديد، فمن الواضح أن التعليم ينتقل لمرحلة مختلفة تتطلب منهجية مختلفة بأداء الكادر التعليمي الذي سيكون معيار التنافسية بينهم هو المحفز للحصول على الترقية والدرجات الوظيفية وفق التصنيف الجديد، لكن بعيداً عن الخوض في تفاصيل اللائحة فإن فهمها من قبل المعلمبن سيسهم في تركيزهم على الاستفادة مما تضمنته من محفزات، وهذا بدوره سينعكس على اهتمامهم بالبحث عن تطوير مهاراتهم وزيادة احترافيتهم، فلم تعد الوظيفة التعليمية تقليدية في تنظيمها وطريقة التقييم والترقيات وكذلك حجم الدورات التطويرية التي يفترض وفق ما يفهم من اللائحة وكذلك استراتيجية التعليم بأنه سيكون هناك توسع بهذا الجانب وإلا كيف ستتحقق المساواة في الفرص للكادر التعليمي لإكتساب المهارات والمعرفة التي تعينهم على أداء رسالتهم.
فتطوير التعليم سيحكم عليه من خلال مستوى الطلاب والذي لن يتطور إلا بعوامل عديدة يعد المعلم هو على رأسها، فبقدر ما يتطور سينعكس ذلك على الطلاب، فالعقود الماضية شهدت تقدماً في العملية التعليمية وكان المعلم هو عامودها الفقري لكن زمن التكنولوجيا وعصر الذكاء الاصطناعي فرض نفسه وباتت مواكبته خياراً وحيداً وهو ما يتطلب تكامل في كل الممكنات والركائز من مناهج ومباني وتجهيزات ولكن بدون أن يتم تمكين المعلمين والمعلمات من التأهيل الذي يعينهم على تقديم العلوم الجديثة للطلاب وفق آخر ما توصلت له أساليب ومهارات التعليم الحديثة، فإنه لن يستفاد من أي تجهيزات مهما بلغت تكلفتها أو جودتها، فالكادر التعليمي سيحتاج لدعم في جانب تطوير إمكانياته، وهو ما نصت عليه اللائحة وكذلك لابد من تغيير جذري بالنظر للوظيفة التعليمية لتصبح مهنة لها معايير وترفع من التنافسية وتقدم المحفزات الملائمة وهو ما يمكن استنتاجه من اللائحة.
لائحة جديدة بالتأكيد ستشهد تباين بالنظرة لها من الكادر التعليمي ما بين من يراها مناسبة ومن يرغب باستمرار الآليات القديمة سواء بالتوظيف أو الترقيات، لكن واقع ومستقبل العلم والتعليم لم يعد يقبل النمط التقليدي، فالمعرفة والعلوم سباق محموم قائم بين الدول والمجتمعات أصبحت تتلقى هذه المعرفة بعدالة وبسهولة ولم يعد الطلاب اليوم كما هو الحال سابقاً لأن العالم أصبح صغيراً من خلال الإنترنت واختراع الأجهزة الذكية والتقنيات الحديثة التي رفعت من حجم الاقتصاد المعرفي، ولا يمكن الانتقال لهذا العصر بدون تعليم حديث يواكبه ومعلم يقوم بصقل معلومات ومهارات الطلاب لكي يستخدموها بالشكل الصحيح ويزدادوا عمقاً في المعرفة وفهماً واسعاً لها.