نتناول في الجزء الثاني من هذا التحقيق عدداً آخر من المواقع التراثية التي تحظى بإقبال الزوار والسياح خلال إجازة الصيف في عدد من مناطق المملكة، وهي:
حي البجيري التاريخي
يتميز هذا الحي في الدرعية التاريخية بعدد من المعالم التراثية والبيئية التي جعلت منه موقعاً سياحياً رائداً في العاصمة، حيث يعد من أكثر المواقع استقطاباً للزوار والفعاليات في مدينة الرياض.
ويحوي الحي جلسات ومباني تاريخية ومحلات لبيع الهدايا، إضافة إلى مطاعم ومقاه، ومعارض للفن التشكيلي. ومثّل حي البجيري المرحلة الأولى من مشروع تطوير الدرعية التاريخية إضافة إلى مشروع تطوير حي الطريف مقر عاصمة الدولة السعودية الأولى الذي تم تسجيله كأحد مواقع التراث العالمي ضمن قائمة اليونسكو. ويجسد مشروع تطوير الدرعية التاريخية جانباً من اهتمام الدولة بالتراث الوطني وتنميته، لدوره في حفظ تاريخ الوطن وإبراز مساهمة أبنائه في ملحمة تأسيسه ووحدته.
جدة التاريخية
جدة التاريخية هي أحد المواقع السعودية المسجلة في قائمة التراث العالمي باليونسكو، وأحد أهم وأبرز المواقع التراثية في المملكة، ووجهة سياحية رئيسية للسياح القادمين إلى جدة. وتمتلك جدة التاريخية أهمية عالمية لأنها البوابة التقليدية لمكة المكرمة إلى جانب كونها أروع نموذج حي للمدن الساحلية التقليدية المطلة على البحر الأحمر.
وتقع في جدة التاريخية أغلب المباني التراثية التي لا تزال قائمة والجزء الأفضل من النسيج العمراني التقليدي للمدينة، والذي تم الحفاظ عليه؛ ليعكس وحدة متماسكة ذات طابع عمراني متميز. كما يضم الموقع ما يقرب من 250 منزلاً متعدّد الطوابق بنيت من الحجر المرجاني، وزيّنت بالجص وبنيت مداخلها وشرفاتها ونوافذها بخشب الساج؛ لتمثِّل نماذج حيّة للعمارة التقليدية لمنطقة البحر الأحمر حتى القرن التاسع عشر. وتشهد المنطقة العديد من الفعاليات السياحية، وتضم عدداً من المتاحف الشخصية والمتاجر والمطاعم الصغيرة.
قصور الطائف التاريخية
تتميز الطائف بقصورها التاريخية التي ما زالت تقف شامخة بطرازها المعماري الفريد منذ أوائل القرن الرابع عشر الهجري حتى الآن، كقصري بيت الكاتب والكعكي وقصر جبرة وقصر شبرا وغيرها.
ويشير المؤرِّخ عيسى القصير إلى أن القصور التراثية في الطائف تمثّل تاريخاً مشرقاً اهتم به السكان مثل بيت الكاتب الذي أنشأه محمد علي كاتب وسكنه بعد ترميمه نائب الملك بالحجاز الأمير فيصل بن عبدالعزيز (الملك فيصل - رحمه الله)، ثم سكنه من بعده أبناؤه وهم عبدالله ومحمد وسعود وتركي وخالد الفيصل، وقصر شبرا الذي بني على الفن المعماري الروماني وسكنه الشريف علي بن عبدالله بن عون، ثم السلطان وحيد الدين محمد السادس من سلاطين الدولة العثمانية ثم سكنه الملك عبدالعزيز وأبناؤه وعائلته وأنجاله، وبيت الكعكي التراثي على الشكل الهندسي المعماري الروماني والعثماني ويتكون من ثلاثة أدوار وقد ازدان بأعمدة من الحجر والنورة وبزخارف بأشكال جميلة، وكان يؤجر في مواسم الصيف على بعض الأسر الكبيرة.
الحي التراثي المديني
يعد الحي التراثي المديني واحد الأماكن المميزة في المدينة المنورة؛ فهو موقعٌ يجسد تراث المدينة المعماري والفلكلوري القديم في المسكن والمظهر والسوق والمكتبة والمقهى.
ويتيح معايشة التجربة الاجتماعية المدينية التراثية في قالب ترويجي يحقق الاستدامة ويوفر فرص العمل لأبناء المنطقة في الوقت ذاته، كما يجسّد الهوية الحضارية التراثية والثقافية والاجتماعية لمدينة المصطفى -صلى الله عليه وسلم-. يضم الحي عناصر مختارة من النسيج العمراني للمدينة، وهو يعبّر عن الالتزام بمضمون مفاهيم التراث العمراني للمدينة، كما يشكِّل مرجعاً للمختصين والمهتمين بالعمارة الثقافية الاجتماعية المدينية، الذين يحرصون على تقديم إبداعات تنبثق من أصالة الماضي وعراقته.
ويجد زائر الحي الكثير من منتجات وأنماط التراث المديني. منها محال العطارة والأواني المنزلية الفخارية، كالزير والجرة من مختلف الأحجام، وكذلك الصحون وقدور الطبخ الفخارية وغيرها الكثير. وهناك الملبوسات والمنسوجات والأحذية القديمة وبعض المشغولات اليدوية التي استعمل في إنتاجها سعف النخيل، والتي طُرزت بأشكال فلكلورية مميزة.
قصر إبراهيم
قصر إبراهيم التاريخي بالأحساء من أشهر القصور التاريخية بالمملكة والمنطقة. ويقع في حي الكوت بوسط مدينة الهفوف، وتقدَّر مساحة القصر بـ 18200 م2 ، ويرجع عهد بنائه إلى عهد الجبريين الذين حكموا الأحساء ما بين 840 - 941هـ ، قبل قدوم العثمانيين الذين قاموا في حملتهم الأولى باحتلال قصر إبراهيم.
ويتكون القصر من طرازين معماريين هما: الطراز الديني من خلال الأقواس شبه المستديرة والقباب الإسلامية البارزة في القصر ومحراب المسجد، والطراز العسكري والذي يتمثّل في الأبراج الضخمة التي تحيط بالقصر بالإضافة إلى ثكنات الجنود السكنية التي تمثّل شرق القصر وإسطبلات الخيول.
وقد تم ترميم القصر وتحويله إلى متحف، وتقام فيه وبجواره الفعاليات السياحية ومن أبرزها مهرجان هجر للتراث الذي تنظمه هيئة السياحة سنوياً.
بيت البسام
يعد بيت البسام في منطقة القصيم أحد المقاصد السياحية المعروفة في المنطقة. ويمتاز البيت التراثي الواقع في محافظة عنيزة بطرازه المعماري الفريد والذي يمثِّل نموذجًا للعمارة الفارهة في نجد.
ويعود تاريخ بناء بيت البسام إلى عام 1374هـ (1955م)، وتبلغ مساحته نحو 3.500 متر مربع، ويتكون من دورين، ويحتوي على 30 غرفة متفاوتة المساحات منها مجالس لاستقبال الضيوف وغرف النوم والمخازن وغيرها، ويعد بيت البسام مثالاً مميزًا لمتذوّقي فنون العمارة القديمة، حيث يحتوي على هندسة فريدة في التهوية والإنارة الطبيعية.
حي الصور التاريخي
على مساحة تتجاوز 45 ألف متر مربع يقع الحي التاريخي في ينبع والذي يحوي 100 مبنى تراثياً، ويتمتع بإطلالة مباشرة على ساحل البحر الأحمر. يتميَّز الحي بطراز بناء تقليدي ومبانٍ تراثية شامخة زُيِّنت بمشربيات وأبواب خشبية، أبرزها: بيت بابطين، وبيت الخطيب، وسوق الليل الشعبي.
ويحظى الحي بزيارات السياح والزوار، لاسيما بعد انتهاء مشروع ترميمه وتحويله إلى وجهة سياحية تراثية رائدة على مستوى المملكة، حيث تبنت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني (سابقاً) هذا المشروع بالشراكة مع بلدية ينبع وشركة أرامكو السعودية، وشركة سابك، والهيئة الملكية للجبيل وينبع والمجتمع المحلي، من خلال ترميم المباني وتهيئتها لاستقبال الزوار، باعتبارها إرثاً تاريخياً للوطن، تسهم في التنمية الثقافية والسياحية في المملكة.