خالد بن عبدالكريم الجاسر
من جميل ما يُروى عن سيدنا علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-، قوله: «ليس كل ما يُعْرَف يُقال، وليس كل ما يُقال حَضَرَ أهلُه، وليس كل ما حَضَرَ أهلُهُ حان وقته، وليس كل ما حان وقته صَحَّ قوله».
فدعوات دويلة قطر للعروبة دون أن يقابلها جدية في التعامل مع جُذور الأزمة ومسبباتها، وما وراء أُسسها، من إعطاء حجم لبلادهم أكبر من حجمها الطبيعي، وتعنت وَقَفَ دونهُ ما يُنبئ بإصرارها ورهانها على جوادها الخاسر من شياطين إبليس ومليشياتهما المرتزقة التي ترعرعت على كلأ وعُشب الإخوان الإرهابية، والارتماء في أحضان تركيا وإيران.. فحيناً بالمماطلة واللعب بالوقت، وحيناً بمحاولات التضليل والخداع الإعلامي بمحاولات مستميتة، لترويج بضاعة وضيعة ولغة مبتذلة وإسفاف سطحي منقطع النظير، اعتلت بها قطر لتكون بأموالها قدوة..! وهو ما ظهر في حوار لولوة الخاطر مع إذاعة مونت كارلو MCD، وقد أحرجتها المذيعة قائلة: «إن من يتابع وسائل الإعلام القطرية، لا يشعر أن قطر لديها رغبة لحل أزمتها».. أجل انكشفت وجوه الاستقطابات القطرية ليضيفوا لإرهابهم في العروبة وأمتيها، جريمة تقديم «البهاليل»، على طريقة «سلفني مذيع».. أو «مذيع دبل فيس».. بوشه على قناة العالم أو الشرق، وبظهره على «مكملين والنهار»، وتلميعهم والصرف على برامجهم بسخاء منقطع النظير، حتى تكون تلك الأسماء قدوة للشباب والمراهقين العرب.
إن الأمر ليس متروكاً لها على الغارب، لتنكشف بطرائقها الخداعة عند أروقة المحكمين بالمنظمات الدولية وهيئاتها، ومنها منظمة التجارة العالمية في حكم أصدره فريق تحكيم المنازعات، بشأن نزاع رفعته قطر حيال تطبيق اتفاقية التجارة المتعلقة بجوانب حقوق الملكية الفكرية (TRIPS)، التي بررت ما اتخذته السعودية ضد قطر لحماية مصالحها الأمنية، وفق مادة الاستثناءات الأمنية في اتفاقية المنظمة، التي تنص على: «إمكانية اتخاذ الدولة العضو إجراءات تعتبرها ضرورية لحماية مصالحها الأمنية الأساسية في حالة وجود حالة طوارئ في العلاقات الدولية بينهما»، دون تقديم قطر أية دلائل حول انطلاق عمليات قرصنة البث من أراضي المملكة.
والسبب مشروع لقطع المملكة كافة العلاقات معها، بعدما تنصلت الدوحة من اتفاقيات الرياض، والإضرار باهتمامات المنطقة، ودعم الإرهاب والتطرف، والتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى لإثارة الفتنة آناء الليل وأطراف النهار. فما بالها قطر وقد سمّم الشيطان الإيراني هواءها وطعامها!! وهل نفعها الإخوان وأردوغان؟!، وما حُجتها إذاً، وقد أسقط فريق التحكيم ادعاءاتها، رافضاً أن المملكة تدعم تلك القرصنة المزعومة. بل وأدرك الفريق حقوق الرياض السيادية في هذا الصدد، وأن التشريعات التي اتخذتها السعودية قوية ومتينة وتحظى بالتقدير الدولي، لأنها دولة مؤسسات وقانون.. موقفها ثابت وراسخ تجاه الأمور كافة، دون أن يتأثر بأي مماحكات أو أزمات سياسية.. ومشهود لها عالمياً بريادتها وإلا ما استحقت بجدارة رئاسة G20 في ظل ظروف استثنائية وأزمة «كورونا»، أُسقطت جميع المزاعم والادعاءات، ومؤخراً تقدمت 15 مرتبة في التنافسية العالمية 2020.
إن الحوار الناجح له متطلبات، وإدارة الأزمات لها قواعد ثابتة لا تتوافر في الحالة القطرية، والمملكة منفتحة على الحوار بشكل مباشر وغير مباشر ومستمر من قبل الأزمة، ولم يكن هناك شح في الحوار الذي يجب أن يصل إلى نتيجة أو يتوقف، وبالفعل توقف فما فائدة الحوار على أي المستويات إذا لم يتبعه تنفيذ، ولعل الأمر ليس متروكاً لها على الغارب في أن تعيث في الأرض فساداً، فقد «جنت على نفسها براقش»، وقد قالها الإمام الشاطبي من قبل: «ليس كل علمٍ يُبَث ويُنْشَر، وإنْ كان حقاً»، فكيف إذا كان شرّها هو الأقرب، وفائدتها معدومة، وضررها كبيرا، فدَرْءُ تلك المفسدة، مُقدَّمٌ على ما سواها، وحسبنا الله.