مها محمد الشريف
لقد استطاع يوليوس قيصر تحقيق انتصارات كثيرة خارج روما، وفتح الكثير من البلدان، بعدها قرر العودة إلى روما والتفرّغ لها وحل مشاكلها الداخلية، وبعد أن علم أشراف روما بعودة قيصر عقدوا النية على التخلص منه بقتله، حيث كان قيصر، وبعد صولات وجولات داخل روما وعند دخول (يوليوس قيصر) مجلس الشيوخ انهال عليه أعضاء المجلس طعنًا بخناجرهم، ويُقال عندما هجم عليه (بروتس) ليطعنه تفاجأ به لأنه قريب منه في النسب والعلاقة وقال: «حتى أنت يا بروتس».
ماركوس يونيوس بروتس، من أهم رجال الحياة السياسية في روما، وعضو في مجلس الشيوخ الروماني وأصبحت شهرته عظيمة لاشتراكه بمؤامرة اغتيال (يوليوس قيصر)، اشتهر بخيانته وخلد اسمه شكسبير في مسرحياته كأول شخصية في المسرحية، ولن يمحو التاريخ الخيانة التي تحط من قيمة الإنسان وتجعله في الحضيض مهما كانت عقيدته وأصوله.
لن تتسع الرسالة لما أريد أن أقول، ولكن بودي أن أنشر مقتطفات ومشاهد مكتملة من هذه الرواية الكبيرة، وينبغي أن يقوله أحدنا للآخر إلى سنوات، إن الخيانة وصمة عار تلاحق الخونة مهما طال الزمان أو قصر ولعنة تتبع آثارهم وتشوه تاريخ جيل انتسب للخونة، والجانب الآخر والأكثر ديمومة هو جانب إشعال الصراعات والفوضى، أضف إلى ذلك الدور الذي قام به القذافي وأمريكا والغرب وقطر لتجنيد الإخوان ليدخلوا في نفق المؤامرة.
لأن هذا التنظيم يقبل تنفيذ جميع أدوار الخيانة بوصفه تنظيماً ظلامياً إقصائياً يتشح المنتمون له بالسواد والكذب والخداع والنفاق والدموية، وبيع الأوطان والذمم بحفنة من مال، وقد تكشّفت وثائق فيدرالية بعمق التواصل بين الإخوان المسلمين وإدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، ولاح تنظيمهم كالطاعون في الأمة مع حيثيات خطّة «الربيع العربي» وأنتج هذا الاتجاه مسرحيات حقيقة «ديمقراطية» وصول الإسلاميين إلى السلطة وزعمهم المزيّف.
لذا، على الرغم من أننا قد نقول عهد أوباما انتهى إلا أن الإخوان ما زالت مؤامراتهم أكثر بشاعة ويعيشون في المدن الأكثر اكتظاظاً وأكثر ضجيجاً للاختباء بين أطياف المجتمعات ونشر هذا النمط المزعزع للاستقرار، لأن الأدلة تشير إلى الوثائق السرية التي أفرجت عنها «سي اي ايه» تؤكّد أن الإدارة الأميركية كانت تراقب الإخوان ونشاطاتهم منذ العام 1947، والعمل مع هذا الحزب الذي يظهر كراهيته للتدخل الأجنبي في الدول العربية، والصراخ بقضية فلسطين.
وفي فبراير 2011 في مقال نشرته «نيويورك ريفيو أوف بوكس» ذهب الصحفي الكندي آيان جونسون إلى وصف العلاقة بين الإخوان وأميركا إلى أنها أكثر من حميمية. وقد عزَّز مفهوم واضح عن عمق العلاقة ودعم نشاط الإخوان في أوروبا ودورهم في تجنيد الفكر الجهادي، وهو يكشف تراضياً حقيقياً بين الإخوان والمخابرات الأمريكي يرجع إلى الخمسينيات من القرن الماضي وهو يعبر عن إيقاعات صامتة.
لذلك لم تكن خيمة القذافي سوى قصة للضجيج الذي يثيره حوله كشخصية هيستيرية مصابة بجنون العظمة حرم شعبه من أبسط حقوقه من ثروة بلاده وأنفقها على المجرمين وقطَّاع الطرق وعلى نزواته ومشاريعه الفاشلة التي جلب بها الشركات التركية والإيطالية دون قيود أو شروط قانونية تنتهي بانتهاء مهامهم، وهذا ما دعا أردوغان للعودة إلى ليبيا بحثاً عن مكاسب تلك الشركات.
فإذا كان هذا هو الحال، لن تجد سوى عزلة الشعب عن الدولة، والأخطر من ذلك أنه تسفيه حق الناس في استثمار الفضاء العام، وحصره على السلطة الحاكمة والمقرّبين منها، في ذات الوقت كان يستدرج الإخوان خونة الأوطان ليسجل للعالم خيانتهم ومؤامراتهم ويتسابق إليه الكلاب المسعورة من الإخوان لتدمير سياسة قادتهم وشرعية دولهم.