عقل العقل
كلنا نتذكر مؤتمرات القمة العربية والتي كان فيها القذافي مهرجها بامتياز من خطاباته في تلك المرحلة والتي كنا نعتقد أنها صادقة ومعبرة عن شعوب المنطقة رغم أن القذافي وسياساته تدل بشكل واضح على تناقضات شخصيته فلقد كان له رؤية غريبة عجيبة لحل المشكلة الفلسطينية وفي نفس الوقت ما سببه من مآسي لبعض الفلسطينيين الذين كانوا يعيشون في ليبيا في تلك الفترة ورميهم على الحدود مع مصر وأن الحل لهم هو بالعودة إلى بلادهم فلسطين، وللأسف أن القيادات العربية في تلك المرحلة كانت تجامل القذافي بنياته الصادقة في محاولة لإظهار التماسك العربي الرسمي في تلك الظروف ولكن القذافي حقيقة لم يكن بذلك الرئيس أو الشخصية الأرجوزية البهلوانية البلهاء بل إنه كان يخطط ويخدم مصالح ضد الوحدة العربية التي كان يدعي أنه وريثها الشرعي من الحقبة الناصرية، رجل أهدر قدرات بلاده وشعبه في أفكار بلهاء حاول أن يكون هو محور تلك السياسات فقد ادعى أنه كفر بالعروبة وبأفكار الوحدة مع بعض الدول العربية واتجه لأفريقيا ليهدر مليارات من اقتصاد بلاده في محاولة لتنصيب نفسه كملك ملوك إفريقيا، ولا ننسى عندما كان يؤم الآلاف من الأفارقة في الصلوات ولكن تلك المشاريع الهلامية تبخرت في ليلة وضحاها، هل كان القذافي يبشر في مشروع الفوضى الخلاقة في منطقتنا ونحن كنا نستخف بها فقد كان يردد وينتقد القيادات العربية بشكل متواصل بحضورها وكأنه المنزه والزعيم المثالي الذي يتعلق فيه البعض منا لصراحته وجنونه الذي اتضح أنه مصطنع وممنهج لأغراض قذرة ضد بعض القيادات العربية، والتاريخ سوف يذكر الموقف المشرف للمملكة العربية السعودية عندما رمت بثقلها السياسي لإقناع الولايات المتحدة الأمريكية لإخراج ليبيا من الحصار المفروض عليها نتيجة ضلوع نظام القذافي في قضية «لوكروبي» وقضية إسقاط الطائرة الفرنسية المدنية، بعد كل هذه الوقفة السعودية معه نجده للأسف يخطط مع بعض القوى الإسلامية الراديكالية لاغتيال الملك عبدالله بن عبدالعزيز يرحمه الله.
التيار الإخواني وخاصة في دول الخليج في تلك المرحلة نجد رموزه لا يتوقفون في زيارات الزعيم المجنون ويكيلون المديح له وأنه حامي حمى الإسلام ويدعون بالويل والثبور على كل من يعاديه وهم يعرفون المآسي التي ارتكبها نظامه ضد السجناء السياسيين من كل الأطياف في مذبحة سجن أبو سليم وعندما وصلت لليبيا موجة الربيع العربي وحاصرت نظامه وجدنا أكبر منظر لهذه الجماعة الإرهابية يوسف القرضاوي يفتي بقتل معمر القذافي، هذا الهالك لم يرد الله أن يمضي بهدوء بعد قتله ولمشيئة الله أن تخرج هذه التسجيلات بينه وبين قيادات سياسية في الخليج وهم حكام قطر وهو يتآمر معهم ضد بلادنا وهو قد يفسر تنازل أو انسحاب أمير قطر السابق حمد بن خليفة عن الحكم لولده تميم في خطوة لم يحدد سببها في حينه وقد عرف سببها لاحقا بتورطه ووزير خارجيته الحمد بهذه التسجيلات التي فضحت دورهم المخزي ضد دول الخليج العربي وخاصة المملكة، هذه الأيام نشهد مزيدا من التسجيلات المسربة لبعض قيادات الإخوان في الخليج وهم يتآمرون مع القذافي ضد شعوبهم في خيمته المشهورة والتي شهدت ممارسات عجيبة غريبة له مع زواره من الغرب والشرق، لن نصدق ما يدعيه هؤلاء بأنهم نقلوا ما سمعوه من القذافي لحكوماتهم أو بعض الحكومات الخليجية فلقد أصدرت دولهم وعلى أعلى المستويات بيانات تكذيب لمثل هذه الادعاءات الزائفة، على العكس هم في دواخلهم كانوا مع مخططات التخريب والتمزيق التي كان يبشر ويعبث فيها القذافي في زمنه وكعادة هذا التنظيم نجده ينقلب عليه ويكون رأس الحربة في القضاء على نظامه والآن نشهد انكشافهم بوقوفهم مع المحتل التركي لبلادهم في واقعة لن يغفرها لهم التاريخ فقد تبخرت قناعاتهم وأيدولوجياتهم النضالية في الدفاع عن أرضهم لأن من تحالفوا معه في احتلال بلادهم هو إخواني العقيدة عثماني النزعة.
لن أتفاجأ وأتمنى أن تخر علينا «حنفية» تسجيلات خيمة القذافي القذرة لبعض القيادات الإخوانية من دولتنا الذين كانت لهم رحلات مكوكية في الدعوة وجمع المال من هناك حتى يعرف من يظن أننا نعلق كل خطأ عليهم كشماعة يتآمرون معه علينا ولكن البعض يرددون للأسف أن هذه الدولة أو تلك قد رعوا تنظيم الشيطان في السابق، هذه الديمقراطية الزائفة في بعض دول الخليج للأسف استغلت أكثر ما استغلت من قبل التيار الإخواني لذلك هم أخطر ما يكونوا على منطقتنا من أي تهديد آخر فالدول تدافع عنهم باسم السيادة الوطنية ولكن ولائهم ليس لدولهم أو مجتمعاتهم الخليجية.