م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1. قرأت كتابًا أهداني إياه صديق لبناني، وأوصاني بقراءته لجودته الأدبية.. والحقيقة أنه كتاب يفتقر إلى الحشمة من الكاتب إذا كان ذكرًا، فضلاً عن أن كاتبته أنثى. الكتاب فيه جرأة زائدة، تبلغ حد الوقاحة أحيانًا.. فيه صدام للتقاليد المجتمعية بشكل رافض ومناهض.. فيه احتجاج على الدين بلغة متجاوزة.. فيه مواجهة للشأن السياسي بأسلوب متهور.
2. تطرقت الكاتبة للمحرمات الثلاثة في الثقافة العربية: الدين والسياسة والجنس.. ومرت بها كلها مرور المخاطر المجازف المستهتر، وبشكل سافر.. لكن الحقيقة أنها مرت بها ببلاغة لغة، وجودة تصوير، ومهارة في اختيار زاوية الرؤية للموضوع.
3. ومن «أدب قلة الأدب» روايات «الكاتب المغربي محمد شكري» التي تصور القاع الاجتماعي لمدينة «طنجة».. وفيها كمٌّ هائل من حالات الخروج عن النص والأعراف السائدة في تحدٍّ صارخ لمثاليات المجتمع.. والعصف بكل الحواجز والحدود.. بصدامية تنتهك المحرمات اللغوية والاجتماعية وتابوهات الجنس والدين والسياسة.
4. يقول «محمد شكري» عن روايته (الخبز الحافي) التي نالت شهرة عالمية إنها سيرة ذاتية عاشها بكل تفاصيلها.. بل إنه كتبها في عقله قبل أن ينقلها على الورق.. وإن كانت نقيض السيرة الذاتية التقليدية إلا أنها تمثل وتحكي التجارب التي مرّ بها في شبابه دون تزويق أو حذلقة. مشكلة الكثيرين من القراء معه أنه كتبها بمباشرة فجة، انتهك فيها كل القيم الأخلاقية، وكأنها اعترافات أمام محقق، وشهادة أمام محكمة.. ليس فيها من صفات آداب الاتصال وأخلاقيات الكلام.
5. والآداب الإنسانية عمومًا مثقلة بمثل تلك الأعمال الفكرية التي تفتقر إلى الأدب.. فالهنود أشهر ما لديهم كتاب اسمه «كاما سترا».. والأوروبيون لديهم «ماركيز دوساد».. والعرب لديهم كتاب «روض الخاطر» و»عودة الشيخ إلى صباه»، وكذلك بقية الشعوب.. فأدب قلة الأدب ليس جديدًا في ميدانه.. لكنه عُدَّ عبر التاريخ أنه الأدب السري للأثرياء والسراة والوجهاء في حياتهم الخاصة.
6. أدب قلة الأدب يحتاج إلى قلم فاجر وذاكرة ماجنة مع الأسف.