علي الخزيم
حينما يقال: (القُصمان)؛ فإن المتحدث يعني أهالي منطقة القصيم، وغالباً تجد الحديث عنهم يرتكز على جِدِّهم ومثابرتهم وحبهم للعمل الشريف، والتجارة هي الغالب على أعمالهم داخلياً؛ وخارجياً عن طريق الرحلات التجارية كما كانت (العقيلات) بالماضي، على أن جيناتهم لم تستطع الفكاك عن هذا النشاط المتوارث عن أصل العرب وتفتخر به قبائلهم، وبالتجارة وحسن التعامل والصدق والأمانة عرفت الشعوبُ العربَ وذاع صيتهم وأحبوهم قبل الإسلام وبعده، وبلغ أهل القصيم شأوًا عالياً بشغفهم بالتجارة ويكسبون بقدر جهدهم ورأس مالهم، غير أنهم يُكرمون أنفسهم ونساءهم وعيالهم، ليس هذا فحسب؛ بل إنهم يتسابقون نحو أعمال الخير ولا يتحدثون عنها، وإن تحدَّث مُتحدث عن خصالهم لينشر القدوة فإنهم لم يطلبوا ذلك منه، وأقول: وما العيب أن تَحَدَّث رجلٌ أو سيدة أعمال عن مشروع خيري قَدَّمه لوطنه ولمواطنيه للحث على بذل المال بمكانه الإنساني الخيري؟!
وعليه فاني سأتحدث عن رجل قَصِيمي عصامي نبيل هُمام كان بين أضلعه قلب إنسان يَنبض عطفاً ورحمة، ويَشعُّ من عليائه عقلٌ نَيِّر ينثر حوله عَبق الحكمة ونوادر الخبرات ورصين التجارب بمجالات سَبَقَ وبزَّ بها من حوله، هو محمد بن عبد العزيز الموسى الخزيِّم والده من أهالي محافظة البكيرية بالقصيم؛ غير أنه عاش وترعرع خارجها تبعاً لوالده الذي ترحَّل طلباً لتنوّع العلم والرزق مثله مثل أقرانه أبناء القصيم الأفذاذ ممن لا يرضون بالقليل من الرفعة والعلياء! ولأن هذا العِصامي من مُحبي الخير والساعين بصدق إليه؛ فإني سأوجز لكم بإضاءات وملامح من السيرة العطرة لمن لُقِّب بأبي الأيتام:
انصرف محمد بن عبدالعزيز الخُزيّم للعلم والمعرفة؛ وبعد أن حاز شهادات علمية وأجاد عدة لغات شرقية وغربية بحكم عمله في أرامكو وغيرها من المواقع المهمة؛ تَمَرَّس بالتجارة والاقتصاد من خلال عمله مع والده ثم مع وكيل أعمال والده بالبحرين سليمان البسام، فكان رجل مال وأعمال واقتصاد ماهر يشار له بالبنان، ودعم عددًا من رجال الأعمال بالمنطقة الشرقية، وكان له الفضل بعد الله بافتتاح بنك الرياض الذي شهد على يديه نمواً مزدهراً، وأضحى المدير الإقليمي للبنك بالمنطقة الشرقية؛ وهو صاحب فكرة تأسيس أول فرع نسائي للبنوك بموافقة الجهات المختصة وتولّت إدارة اقسامه 8 سعوديات، كما كان صاحب الفضل بعد الله في تأسيس ودعم عدد من الجمعيات الخيرية المُرخَّصة داخل المملكة وخارجها، فكان رائداً من رواد العمل الخيري ليس بالمنطقة الشرقية فحسب؛ بل على مستوى المملكة ككل، ومن مساهماته المشهودة بتعليم المرأة تأسيس جمعية فتاة الخليج بالخبر عام 1959 التي تمارس نشاطها إلى اليوم، ورأس بلدية مدينة الخبر سنوات عدة وقدم خدمات جليلة غير مسبوقة للخبر لا تزال آثارها باقية، وهو أحد كبار مؤسسي صحيفة (اليوم) عام 1385هـ أول صحيفة يومية تصدر بالمنطقة الشرقية، وأسس أول فريق لكرة القدم بالمنطقة ومن أبرز مؤسسي نادي القادسية الحالي الذي اختير الشيخ الخزيم رئيساً فخرياً له عام 1963م بعد اندماجه مع الوحدة، وتوفي رحمه الله 18 في سبتمبر 2012 وترك إرثاً وسمعة اجتماعية صداها يَسُر السامعين.