عبدالعزيز مهدي العبار
يعد فهم الشيء من أهم أسس التعامل معه، ولكن على ما يبدو ومع ازدياد ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد هذا يوحي بأن كثيرا من الناس لا يعرفون ماذا تعني الوقاية خير من العلاج، فقط يسمعونها ولكن لا يفهمونها ولا يطبقونها، والصحيح يجب أن نقول الوقاية خير من الإصابة بالمرض ومن ثم البحث عن العلاج الذي يمر بمراحل منها تشخيص الحالة ثم إيجاد العلاج المناسب.
معروف عند أخصائيي الصحة والأطباء والعاملين في المجال الطبي أن تشخيص الحالة المرضية تعد من أصعب المراحل التي تسبق جلسات الاستشفاء ووصف العلاج حيث تبلغ نسبة الخطأ في التشخيص في بعض الأحيان إلى 90 % خصوصاً في بعض الأمراض العضال والأورام والمستجد منها، ويلعب في الغالب الجانب النفسي دورا مهما وكبيرا عند المريض حيث يستند بعض الأطباء على الكلام الشفهي أو عبر بعض العلامات التي تظهر أثناء التشخيص المبدئي ثم بعد ذلك وبعد تشخيص المرض يعتقد كثير من الناس أن العلاج سهل جداً ومتوفر وبمجرد تناوله لمدة قصيرة يتماثل المريض للشفاء وهذا فهم خاطئ وغير صحيح.
بالإضافة إلى ذلك مدة وتكلفة زيارة الطبيب والأخصائي لن تكون بالأمر البسيط أو السريع ففي أمريكا قيمة ما يتم صرفه على الصحة يعادل ميزانية 4 دول من دول العشرين ومتوسط الوقت الذي يحتاجه المريض حتى يحصل على الموعد ومن ثم العلاج من 3 إلى 6 شهور وقد تزيد.
بالنسبة لصعوبة التشخيص، على سبيل المثال الصداع، ويعتبر من الاعتلالات الصحية الأكثر تعقيداً في التشخيص خصوصاً في هذا الوقت لأن مسبباته متعددة تبدأ من سوء في النظام الغذائي وتناول السوائل الكافية للجسم وأسلوب الحياة وتنتهي في أمراض خطيرة جداً، ولكي يتم التأكد من ذلك يطلب الطبيب بعض التحاليل وتشخيص دقيق ولكن ذلك يطول جداً فقد يحتاج المريض إلى أشعة MRI أو CT للتأكد من عدم وجود أورام في الرأس وهذه مكلفة جداً وقد يطول الانتظار للحصول على موعد للأشعة والتي تحتاج لمتخصص لقراءتها وإرسال تقرير للطبيب يستند عليه وقد يحصل في بعض الأحيان خطأ في القراءة أو الشك إن وجد كيس دهني أو تمدد بعض الأوردة.
وأحيانًا يكون العلاج للصداع فقط النوم الكافي والابتعاد عن المنبهات وعدم التعرض المستمر لإضاءة الكمبيوتر والهاتف المحمول وشرب 8 أكواب من الماء يومياً وتغير نمط الحياة وتناول الوجبات في أوقاتها يساهم في عدم الإصابة بالصداع وهذه تسمى الوقاية التي تمنع حدوثه واللجوء إلى الأدوية التي قد لا تساعد في الشفاء والشائع عند كثير من الناس أخذ حبتين للصداع ينهي الألم بسرعة وهذا خطأ منتشر وله أضرار على الكبد خطيرة جداً والصحيح أن زيادة الجرعة لها أضرار جانبية وقد تزيد الحالة سوء ويبطل مفعول الحبة الأخرى.
يعتقد البعض أن كل دواء صالح لأي جسم وشافي وخالي من الأضرار الجانبية، وأحيانًا يكون الطبيب نفسه يصرف دواء خطأ لأن المريض لم يفصح عن الأدوية التي يتناولها أو يكون متعاطي لذلك تتسبب بعض الأدوية بمشاكل صحية خطيرة على صحة المريض إذا ما تفاعلت مع الأدوية الأخرى.
الخلاصة؛ لو عرف الإنسان ماذا تعني هذه العبارة ودقق فيها لن يتجرأ على كسر توصيات التباعد الجسدي في هذه الأوقات التي ينتشر فيها وباء كورونا المستجد الذي حير علماء العالم في طريقة علاجه وتشخيصه وانتقاله، فالوقاية خير من أن تصاب بالمرض ولا تدخلك في دوامة التشخيص والانتظار والمواعيد والعلاج وتوفر السرير والتكلفة.
حيث كلف ذلك مواطن أمريكي أكثر من مليون دولار للعلاج من كوفيد19. لذلك اتباع نصائح الصحة العامة غير مكلفة وبالإمكان تطبيقها.