بباريسنا التقينا منذ ثلاثة عقود، وعلى أرضها عملنا، وعن طريق التعليم تعارفنا، كانت مديرة مدارس عنيزة الأهلية وأنا مشرفة قيادة مدرسية، سرنا معاً في محطات الحياة وفي كل محطة لنا صولَةٌ وجولة نخطط للعمل الخيري وننفذ بدون مظلة رسمية ثابتة.
سخَّرت حياتها، وفكرها، وجهدها، وصحتها للعمل الخيري والمجتمعي، زرعت في دنياها ما تحصده في الآخرة - بإذن الله.
الحقد، والحسد، والكراهية، والبغضاء ليس لها وجود في معجم حياتها السبعيني.
كانت -رحمها الله- مساحة عطاء، وشلال متدفق من الأفكار، يداها وطن للعمل الخيري، وأفكارها الجميلة تجود بها بسخاء، وتحلم بلجنة أو جمعية رسمية نسائية لأعمال الخير ومساعدة المحتاجين، وزاد فتيل الحماس والشغف بالعمل الخيري عند قدوم سمو الأميرة نورة بنت محمد آل سعود حرم أمير منطقة القصيم سابقاً صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر، وتأسيس لجنة القصيم النسائية، ثم بيت القصيم بالجنادرية وتفعيله عام 1419هـ.
كنا لجاناً معطاءة بحب - عضوات من محافظات القصيم - عملنا تطوعاً، والمخرجات جميلة.
كان لراحلتنا أم خالد طموحات واسعة، فسعت بعزم لتأسيس جمعية قطرة بهدف التصدي للتحديات التي تواجه الأسرة بشكل عام، وبناء الإنسان فلاقت معارضات كثيرة فما ضجرت، ولا تبرمت، وتذللت الصعاب وألجمت الألسن في عهد إمارة المحافظ مساعد يحيى السليم وتحقق الحلم وابتسم القدر، وبدأنا ببناء قطرة عملنا بجهود جماعية، تطوعاً، كنت نائبة أم خالد ورئيسة لجنة التراث قبل خصخصة مهام قطرة بالأرامل والمطلقات، حرِصَت على تدريب وتأهيل الموظفات والأسر، تريد المرأة قوية، وبكرامة، تكتفي بنفسها، وضربت أروع الأمثلة في التفاني، وقهر الصعاب، وتجاهل أعداء النجاح المثبطين.
أزالت مفهوم العجز واليأس من الجميع ولا زالت في ذاكرتي سعادتها بكل إنجاز نحققه، ونحتفي فيه (دراسة الأحياء، ترميم منازل، تعمير مساكن، توفير فرص عمل، تضميد جراح مكلومين، العيادة النفسية، مشروع مشكور لحفظ الأطعمة من فائض المناسبات، الخوارزمي الصغير، مشروع الفحم، ضيافة الأطفال، ومركز زكن، المناشط الاجتماعية في عنيزة، الرياض، جدة، الشرقية، البحرين).
أعددت معها فقرات حفل افتتاح الجمعية وولادتها، كم كان مساءً مميزاً، والمولود مترقب من الجميع، وسعادتها لا توصف آنذاك، شكرتني بحب وثناء جميل رحمها الله.
سريع جداً ذلك القطار الذي يسرق لحظاتنا الجميلة ويرمي بها، فكل شيء نملك علاجه إلا الجرح الذي يتركه الموت.
كان لراحلتنا بكل مكان مشيناه أثر وبصمة ....
باختصار فاطمة التركي مدرسة للعمل الاجتماعي نادت بالتكامل بين المؤسسات الخيرية، وورثت خبرتها للمؤسسات الجديدة.
فاطمة التركي رفيقة دربي في العمل الخيري والمجتمعي، رحلت مساء يوم الاثنين 16-10-1441هـ الموافق 8-6-2020م رحيلاً مفاجئاً من غير وداع، وقد زرعت أملاً، وتركت أثراً، وفي غيابها فقد.
اللَّهم ارحم من فجعتنا بفراقها، واجعل لها نعيماً لا ينفد.
اللهم اجعل قبرها بعد فراق هذه الدنيا أجمل مسكن تغفو به عيناها.
لا إله إلا أنت سبحانك إنك أكرم الأكرمين.
وصلِّ اللّهم وسلِّم على سيدنا محمد.
** **
مضاوي علي محمد السبيل - جمعية قطرة - عضو مؤسس