شكلت قضية التفاعل وزيادة الإنتاجية في المكاتب، محورَ كتاب إديث واينر وأرنولد براون، المعنون بـ «الإنسان وبيئة العمل»، حيث انطلق الكاتبان من التأكيد على أنه لا توجد بيئة مثالية تماماً تستطيع أن توفّر جوّ العمل الملائم بنسبة 100%، لرفع الروح المعنوية وزيادة الإنتاجية.
وينوّه الكتاب إلى أن الإنسان عبارة عن وحدة متكاملة من العقل والجسم، روح وجسد يؤثر ويتأثر بعضُهما ببعض، وأن تفاعل الحواس مع بيئة العمل من أهمّ العوامل المؤثرة في حجم الإنتاجية.
ويندرج تحت هذا البند عدد من المحدّدات، مثل التأثّر بدرجة الإضاءة والضوضاء في محيط المكان والروائح المنبعثة منه، لاسيما وأن الروائح الإيجابية المهدئة للأعصاب تُزيل التوترَ وتَرفع الإنتاجية.
قضية النوع والعمل كانت من المحاور المهمة التي تطرّق إليها الكتاب، إذ تشير العديد من الأبحاث، إلى وجود اختلافات جوهرية بين الرجل والمرأة على صعيد تركيب المخ، وطريقة أداء العمل، ومخاطر العمل على الأطفال، فعلى سبيل المثال تُظهِر البحوثُ العلمية أن عمل الأب يُؤثّر بصورة كبيرة على الصفات الخُلقية لأبنائه.
واعتبر الكتاب أن شعور الفرد بمتاعبَ مِن قبيل الصداع وآلام المفاصل، يُعدّ مؤشراً على عدم قدرة الجسم على التكيّف مع بيئة العمل، وهو ما كان سببَ ظهور علم جديد يُسمّى «إرجونوميكس Ergonomics» يتناول التطبيقات المختلفة للفسيولوجيا وعلم النفس والهندسة الصناعية، بهدف تحسين بيئة العمل.
ويُشير الكتاب أيضاً إلى أن للتقنيات الحديثة تأثيراتٍ كبيرة على بيولوجية الجسم وإدراك الإنسان للزمان والمكان، إذ أصبح العمل رفيقاً للإنسان على مدار 24 ساعة، ما وَلّد إحساساً دائماً بأن الوقت المتاح للعمل ليس كافياً لإنجاز المهامّ المطلوبة، وأن كثافة تدفّق المعلومات تُولّد شعوراً بأن أيَّ تباطؤ سيؤدّي بالضرورة إلى التخلّف عن الركب والموت بـ «السكتة التكنولوجية».
وأخيراً، يُورد الكتابُ عدداً من النصائح للتخلّص من الشعور بالصداع الناجم عن العمل، أبرزها الاسترخاء عن طريق التأمل، والحركات الرياضية الخفيفة، والشهيق والزفير العميق بَعد المجهود الذهني والعضلي، والإدارة الفعالة للوقت، عبر وضع خطط أسبوعية والالتزام بها، وتوظيف الدعابة لتخفيف التوتّر في مكان العمل.