عبده الأسمري
الفروقات الفردية.. مجال للتقييم.. ومكمن للمقارنة بين كل شخص وآخر في الأداء والإنتاج ووسط العلم والعمل... ويأتي التباين القيمي بين الناس المبني الصفات والسمات ليكون «المعيار» الأمثل لرصد النتائج المرتبطة بالقول والفعل والمترابطة بالأثر والتأثير.
تأتي الإنسانية لتفرق بين الصفاء الفطري والوفاء البشري مكللة بالنبل ومجللة بالفضل فيتفاوت البشر فيها ما بين انتماء أو جفاء وتتراوح المراكز وتتباين المراتب وتختلف المواقع ما بين «قيم» تفرض نفسها و»عدم» يهمش صاحبه..
الإنسانية اسم جامع لكل قول وفعل ينشر المنفعة ويشيع الفائدة ويدعم الآخرين ويساعد الغير.. دون شرط أو قيد أو اشتراط بعيداً عن فرضيات «الذات» أو افتراضات «المصالح».. لتكون النتيجة في شؤون «الإنسان» من أجله فقط وليس من أجل دنيا يصيبها أو أمنية يجلبها.. إنما هي قيمة آدميه تجعل الهدف سامياً من منبعه متسامياً مع نبعه.
تمثل البراءة والفطرة والعفوية أدوات أولى تشكل خارطة «الإنسانية» بخطوط «خضراء» ترسم التصالح مع النفس والتسامح مع الغير.. حتى تظل «مساحة» الإنسان بيضاء دون شوائب ذاتية وعصماء بلا رواسب أنانية لترسم «مشاهد» الفضائل في أبهى صورها لتضيء مسارب «الضيق» وتنير عتمات «الكرب» وتبدد صدمات «الظروف».
في سنوات عمر أولى تتشكل الهوية الأولى وتتبلور القيمة لدى «الإنسان» في داخله ناكصة إلى عمق فطري صافي نقي وتطمح إلى أفق حياتي متباين متأرجح فتأتي الأسرة والمدرسة والمجتمع لتكون «عوامل» بناء أو «معاول» هدم فتحل عقبها «التجارب» المتأرجحة بين «المشارب» و»المآرب» ما بين أًصول ثابتة وفروع متمايلة.
ترتبط الإنسانية بالمنافع وتكتمل بالفوائد التي تجعل الحياة جميلة وتحول الدنيا إلى «محفل» للتنافس الأشرف في مكونات «الإعانة» و»احتفال» للتسابق الأكمل في ميادين «الإغاثة».
الناس جميعهم «أناس» يحملون هويتهم من خلق بني ادم ولكن «الإنسان» صفة منفردة لا تطلق إلا باكتمال شروطها ومواصفاتها ومقاييسها التي كشفت «الوجه الآخر من البشر فمنهم من أدى الدور ونال اللقب وآخرون رسبوا في أول اختبار حياتي خضعوا فيه للتجربة ونوع ظلت «الإنسانية» أساس لشخصيته وأصل لكينونته فاجتاز كل الاختبارات بلا استعداد وتجاوز كل المحكات دون استباق لأن نفسه وروحه جبلت على العطاء والسخاء والنقاء منذ سنوات عمره الأولى فظل أميناً لمهمته الحياتية التي ربطها بالنهاية الدنيوية التي لا تستثني أحدًا حين الرحيل.
نحتاج إلى «الإنسانية» ليكون لدينا «خزائن» للمنافع تؤتي أكلها كل حين حتى نصل إلى «أنسنة» الحياة لنفرق عن كائنات أخرى قد نرى فيها جزءًا من إنسانيتنا «المفقودة».
في خضم «بحر» لجي من التغافل والتجاهل عن «أصل» الإنسان و»عمق» الكيان المرتبط بالتعايش مع الآخر من خلال «عيش» معاناته والإحساس بآلامه والحس بأحزانه.. يأتي «التطرف» الذاتي في جشع نفسي وطمع حياتي يلغي كل الاتجاهات نحو الشعور بالغير والاستشعار بالتقدير الذي تمثل فيه «الإنسانية» منصة «مثلى» لتوظيف الأخلاق وتطبيق القيم..
«نفع» الناس مهمة يجيدها «الأتقياء» ويؤديها «الأتقياء» ويتبادلها «الأوفياء» في علاقات «إنسانية» تعتمد على «التهذيب» وتتعامد على «الترغيب» وفق «أصول» من الاحترام و»أسس» من الالتزام تبني «صروح» الحياة باقتدار «المنافع» واعتبار «الفوائد».
خزائن المنافع متاحة في دروب العطاءات الإنسانية لمن أراد أن ينهل منها كل معاني «الإحسان» وأن يقتبس منها شتى معالم «الحسنى» حتى يصنع له «الأثر» في قلب السخاء و»الذكر» في قالب الدعاء ليمثل «الإنسان» في داخله من خلال سلوكه ومسلكه.
أيقظوا «الإنسان» الغائب في أنفسكم والمخفي في أرواحكم.. أخرجوه من «توابيت» الهامشية وأنقذوه من «مصائد» الأنانية دعوه ينطلق من «أعماق» السواء إلى آفاق الولاء ليضيء «الإنسانية» في كل اتجاهات الحياة وجميع واجهات الدنيا.. فهو ساكن في دواخلكم وقابع في أعماقكم دعوه يعبر عن «قيمه» ليبني «قيمته» ويصعد إلى «قمة» المعاني الحياتية الكفيلة بزرع الخير وإنبات التكافل وجنى التكامل بين مقومات العمر ومقامات التعامل.