المحامي/ يعقوب المطير
عندما تسأل أكثر المتشائمين من مشجعي مانشستر يونايتد الذي سيطر فريقهم على الدوري الإنجليزي منذ عام 1991 م حتى أصبح أكثر فريق يحقق الدوري الإنجليزي بحصوله على عشرين لقبًا للدوري الإنجليزي في آخر 30 سنة ماضية، على قدرة فريق ليفربول الإنجليزي بإحراز بطولة الدوري الإنجليزي بعد مرور (30 سنة) منذ آخر لقب حققه في عام 1990م، بكل تأكيد لن يصدقوا ما قام به فريق ليفربول بقيادة المدرب الألماني يورغن كلوب عندما اكتسح بطولة البريمرليغ وحقق الدوري الإنجليزي قبل نهايته بسبع جولات كحدث فريد من نوعه وكذلك بأرقام قياسية، وكونه أول مدرب ألماني الجنسية يحقق الدوري الإنجليزي، بعد أن حقق في أقل من سنة، أربع بطولات من الوزن الثقيل، ابتداءً من بطولة دوري أبطال أوروبا الأخيرة، وكذلك بطولة كأس العالم للأندية الأخيرة، وأيضاً كأس السوبر الأوروبي، وأخيرا الدوري الإنجليزي الممتاز، وبالتالي ليفربول يعتلي قمة إنجلترا وأوروبا والعالم أيضًا، كأول فريق إنجليزي يجمع هذه البطولات مع بعض في وقت واحد.
المشروع الفني الضخم الذي قام به المدرب الألماني كلوب لصناعة فريق قوي ومرعب اكتسح من خلاله كل الفرق في جميع البطولات (الدوري الإنجليزي، دوري أبطال أوروبا، كأس العالم للأندية)، استغرق خمس سنوات من العمل والصبر والتأهيل والاستقرار الفني والإداري منذ عام 2015م، فهي دراسة تستحق التأمل والتوقف عندها والتعلم منها، لأن هكذا عمل جبار لا يأتي من فراغ، فهل تتخيل أخي القارئ أن الموسم الأول (2015 / 2016) للمدرب الألماني كلوب مع فريق ليفربول قد تم إنهاؤه وهو يقبع في المركز الثامن من الدوري الإنجليزي ومحطات فشل وهزائم متعددة، ثم صعد به إلى المركز الرابع في الموسم الذي يليه (2016 / 2017)، ثم حافظ على مركزه الرابع في الموسم التالي أيضاً (2017 / 2018)، ثم صعد به إلى المركز الثاني في الموسم الماضي (2018 / 2019)، وفي هذا الموسم اعتلى قمة الدوري الإنجليزي وحقق لقب البطولة الصعبة والمستعصية على الفريق الليفربولي منذ 30 سنة.
وبالتالي لدي سؤال يطرح نفسه؛ هل يمكن للفرق العربية أن تحافظ على الاستقرار الفني والإداري وإعداد استراتيجية طويلة المدى حتى يتم صناعة فريق لا يقهر مثل ليفربول؟ للأسف فرقنا العربية تتسابق على الإقالات للأجهزة الفنية والإدارية وأيضًا استقالة مجالس الإدارات عند الفشل الوقتي، معظم الفرق العربية تخطو خطواتها على البركة وعامل الحظ والتوفيق، إذا نجحت استمرت لسنوات إضافية، وإذا فشلت تركت النادي وغادرتها محملاً بالخسائر والديون، لذلك فإذا أردت أن تصنع فريقاً لا يقهر ومرعب، ينبغي لك أن تقوم بإعداد استراتيجية طويلة المدى، وكذلك أن تحافظ على الاستقرار الفني لمدة أطول مهما كانت النتائج، لعل تجربة مانشستر يونايتد من السير أليكس فيرغسون لمدة أكثر من ربع قرن خير برهان على أهمية الاستقرار الفني لصناعة فريق بطل، والآن ليفربول الإنجليزي يخطو نفس الخطوات بالاستمرار على المدرب الألماني أكثر من خمس سنوات وهي قابلة للزيادة بعد النجاحات الكبيرة التي حققها المدرب الألماني، فهل نتعلم من هذه الدروس؟