سليمان الجعيلان
حتى تدرك وتستوعب عمق المشكلة في نادي الهلال يكفي أن تعلم وتفهم أن الفئات السنية بالهلال يقودها إدارتان مختلفتان، وهذا ربما ما يبرر ويفسر كيف ولماذا أصبح دور نادي الهلال هو تصوير وتصدير المواهب الكروية للأندية الأخرى في السنوات الأخيرة؟! فالقصة أو المشكلة بمعنى أدق بكل اختصار هي أن فئة الشباب في نادي الهلال يقودها إدارة مشرفة مستقلة بميزانيتها وتوجهاتها، ودرجة الناشئين والبراعم يقوم عليها إدارة مشرفة أخرى منفصلة تمامًا عن الأخرى، وهي كذلك لها خطتها ورؤيتها، وهذا ما قد يكشف أيضًا كيف ولماذا تحول العمل في نادي الهلال من عمل تراكمي وتكاملي بين كل الدرجات بداية من فئة البراعم، وانتهاء بالفريق الأول، إلى عمل فوضوي وعشوائي، دفع - وما زال وسيظل يدفع - ثمنه غاليًا فريق الهلال في المستقبل القريب إذا لم يكن هناك تحرك سريع من إدارة نادي الهلال لتصحيح هذه الفوضى وهذه العشوائية، خاصة إذا ما علم الهلاليون أن معدل أعمار لاعبي فريقهم الأول والمحليين فقط هو (29 عامًا)، أما مع اللاعبين الأجانب الحاليين فإن معدل أعمار لاعبي الهلال يكون (31 عامًا)، وهذا مؤشر خطير، يفرض على إدارة نادي الهلال التدخل السريع!!.. ولاسيما أن نادي الهلال أصبح في السنوات الأخيرة من أقل الأندية استفادة من مخرجات فئاته ودرجاته السنية، ليس هذا فحسب بل من أضعف الأندية في الاستقطابات والتعاقدات للمواهب الشابة، وهذا يعكس مدى الفوضى والعشوائية الإدارية التي يعيشها نادي الهلال في الفئات السنية بسبب تهميش وتجاهل مخرجاته السنية، سواء بالإعارات أو الاستغناءات تارة، وبسبب اختلاف التوجهات وتداخل المسؤوليات تارة أخرى!!..
وعلى كل حال، من المؤسف والمخجل في تاريخ نادٍ مثل الهلال، وكبير الكبار، أن يكون نواف العابد وسلمان الفرج هما آخر جيل قدمته الفئات السنية في الهلال؛ ولذلك أعتقد أنه آن الأوان أن يعود الهلاليون إلى الخلف قليلاً، ويقرؤوا تاريخ ناديهم جيدًا، ويتأملوا كثيرًا في المواهب الشابة المدفونة في فريقهم، ويتذكروا ماذا حدث في دوري (1399) هجريًّا، وما فعله المدرب البرازيلي الكبير ماريو زاجلو عندما أشرك وأقحم ثلاثة لاعبين من شباب نادي الهلال دفعة واحدة مع الفريق الأول، هم فهد المصيبيح وسلطان المهنا وحسين البيشي؛ ليلعبوا بجانب الأسطورة البرازيلية ريفيلينو والنجم التونسي نجيب الإمام؛ ليصبح ذلك الثلاثي بعدها من أعمدة فريق الهلال لسنوات عدة، توجوها مع بقية زملائهم بألقاب وبطولات محلية وخليجية عدة مع الهلال، وكذلك ما عمله المدرب البرازيلي الجريء كندينو في دوري (1410) هجريًّا عندما استعان في عز المنافسة بلاعبين صغار من مدرسة الهلال، هم سامي الجابر وخالد التيماوي وصفوق التمياط ومحمد التمياط وخالد الرشيد وغيرهم؛ ليشاركوا مع الفريق الأول، ويحققوا معه بطولة الدوري، ويتوج سامي الجابر بمساعدته بلقب هداف الدوري في ذلك الموسم، ولينطلق فريق الهلال بعد تلك الجرأة في التجديد والإحلال والاعتماد على الأسماء الشابة إلى السيطرة والهيمنة على البطولات المحلية والعربية بل القارية، وهي من توجت نادي الهلال ليكون زعيم آسيا وكبيرها. ولكن قد يفتقد نادي الهلال هذه الزعامة الآسيوية في السنوات القادمة إذا استمر هذا التجاهل والتهميش لأهمية التعاقدات مع الأسماء الشابة المميزة، وظل الاعتماد على مواهب فئات الهلال السنية مرتبطًا بمزاجية ومدى العلاقة مع مدربين أو إداريين، لا يملكون الجرأة والشجاعة بإدخال لاعبين شبان بكل تأكيد هم أكثر إضافة فنية وفائدة تكتيكية من بعض اللاعبين المحليين أو الأجانب الحاليين، وفشل التنسيق والترتيب بين الإدارتين المشرفتين على الفئات السنية لتلبية احتياجات فريق الهلال الأول الفنية الفعلية.. فحينها من الطبيعي والمنطقي أن يقتصر دور إدارة الهلال على التصوير مع المواهب الكروية الهلالية، وتصديرها إلى بقية الأندية!