«الجزيرة» - المحليات:
أكد صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وزير الطاقة، أن المملكة ماضية في خططها لوقف الاعتماد على النفط بصفته مصدرا أولا للطاقة والدخل الحكومي، على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه هذا المسار. وشرح سموه خلال الجلسة الرئيسة لمؤتمر «مبادرة مستقبل الاستثمار السعودي» FIIKSA الافتراضي، الذي أقيم تحت عنوان «لا تنسوا كوكبنا»، الخميس، الترابط بين قطاع الطاقة وجائحة كورونا، بالنظر للآثار الاقتصادية والمالية الهائلة لهذا الوضع قائلا «نحن الآن في مرحلة التعامل مع تخفيف حدّة التداعيات، ونتعايش مع ذلك. وأعتقد أن خطتنا الخاصة بالطاقة في المملكة ذات أهمية رفيعة المستوى، ولها أولوية كبيرة. ونتعامل من خلالها مع المؤسسات والخبراء على أعلى مستوى، ولدينا قيادة تثمّن قيمة الاستدامة.
وفيما يتعلق بآثار جائحة كورونا، وتوقعاته لمستقبل النفط، أكد الأمير عبدالعزيز بن سلمان أنه «في حين تعمل المملكة على التخفيف من آثار جائحة كوفيد 19، لا يزال يتعين علينا تلبية أهداف الاستدامة والنمو»، وأوضح سموه في كلمته: «نحن نحب التحديات، يمكنني أن أؤكد لكم أن السعودية لن تكون المنتج الأكبر والأخير للنفط فحسب، بل إننا سننتج كل جزيء من الهيدروكربونات، ونستخدمه الاستخدام الأمثل، وسوف يتم بأكثر الطرق الآمنة والسليمة بيئيًا والأكثر استدامة».
ولفت سمو وزير الطاقة إلى أن المملكة لديها برامج فاعلة ومتطورة لتحويل النفط والغاز إلى كيماويات، مستشهدًا بقدرة السعودية على التعامل مع جائحة كورونا من خلال تصنيع وإنتاج الكمامات المتطورة ومعدات الوقاية الشخصية، وكذلك المطهرات، نظرًا لقدرتها على إنتاج الكيماويات المتطورة المستخدمة في هذه الصناعات. وأضاف: إن المملكة ستظل المنتج الأقل كلفة للنفط ومنتجاته على كل حال، وستكون آخر منتج له كذلك.
وتطرق الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى دور بلاده في رئاسة G20 قائلاً «
لأننا دولة الرئاسة الحالية لمجموعة العشرين، فإننا نسعى لاستغلال هذه المنصة، من أجل تنشيط الحضور العالمي، والتعاون مع الجهات الدولية الفاعلة لتأكيد الاتجاه الجمعي نحو أهداف وبرامج مشتركة، وذلك تحت عنوان واحد هو اقتصاد الكربون الدائري، وهو المفهوم الذي يتسق مع أهداف الأطراف المهتمة بالبيئة من جهة، وكذلك يسمح بتحقيق نمو واستخدام أكثر كفاءة لمصادر الطاقة من جهة أخرى، ما يدعم خطط الاستدامة مع الحفاظ على البيئة، وكذلك يجلب منفعة لملايين البشر المحرومين من الطاقة بشكل أو آخر، حول العالم».
ولفت سمو وزير الطاقة إلى أن المملكة تتبنى مبادرتين مهمتين ترتبطان بالبيئة من خلال رئاستها لمجموعة العشرين، تتعلقان بالعمل على خفض معدلات التصحر وزيادة البقع الخضراء، حيث تبدأ المملكة بنفسها في هذا المجال من خلال مبادرات وطنية عملاقة، والأخرى تختص بأهمية التكيف وتحسين جودة حياة الشعب المرجانية في قعر البحار.
وأكد سمو وزير الطاقة أن المملكة تُلزم نفسها بأن تكون في طليعة البادئين بهما، لأنهما تتفقان مع مفهوم الاقتصاد الكربوني الدائري الذي تتبناه أصلاً.
سمو وزير الطاقة رد على سؤال مديرة الحوار تانيا بيكيت، حول رؤيته للتحول إلى الطاقة المتجددة، بالتذكير بالتحديات التي عاشتها المملكة خلال العام الحالي. وقال «كان لدينا 9 أشهر مليئة بالتحديات، بدأت بأزمة إمدادات نتيجة الاعتداء على منشآت نفطية في بقيق وخريص، ثم التعامل مع عدة أمور محورية، مثل وباء كورونا، وبحث كيفية التعايش معه، واحتواء تداعياته. وما زلت أعتقد أن أزمة كورونا هي أزمة إنسانية بأكثر من كونها أزمة اقتصادية، بما حملته من خسائر بشرية، وآثار على التعليم والصحة والأنشطة الاقتصادية تضافرت لجعل الحياة أصعب، لكنها في ذات الوقت أعطتنا الفرصة لمواجهة لحظة تحدٍّ، وبينما نعمل على التخفيف من آثار جائحة كوفيد 19، لا نزال ملتزمين بتلبية أهدافنا وبرامجنا الخاصة بالاستدامة والنمو».
سمو وزير الطاقة عرج على الجوانب المضيئة في جائحة كورونا، فقال: لنرى شيئًا مختلفًا، هذه فرصة لنرى جميعًا كيف أن العالم متصل بعضه ببعض، وكيف تمنحنا التقنية فرصة للتواصل والاستمرار في عقد اجتماعات جادة ومهمة فيما يخص الطاقة».
واستذكر سموه أثر ذلك على تسيير قطاع الطاقة في العالم، فقال: «تعلمون أن أهم اجتماعين في مجال الطاقة حدثا أخيرًا من أجل الحفاظ على سلامة الأسواق، كانا عبر استخدام تقنية الاجتماعات الافتراضية»، وهو هنا يشير إلى اجتماعي أوبك وأوبك+ الافتراضيين الشهر الماضي، وما تمخضا عنهما من قرارات استراتيجية أعادت الأسواق إلى جادة الاستقرار.
فيما يتعلق بالبرامج المحلية، أوضح الأمير عبدالعزيز بن سلمان أن المملكة تقوم بتنفيذ مبدأ «القيادة القدوة»، قولاً وفعلاً، لذلك فهي أول من يطبق المشاريع التي تقترحها أو تتبناها، وعلى سبيل المثال لديها برنامج جاد لكفاءة الطاقة، وبرنامج آخر يتعلق بترشيد استهلاك الكهرباء محليًا.
وشرح سموه البرنامجين فقال: «في 2030، ستكون 50 % من الكهرباء المولدة في السعودية من الطاقة المتجددة»، وسنعلن قريبًا جدًا عن مشروع طاقة شمسية عملاق، سيكون له الريادة من حيث تقديم أقل سعر عالميًا، مقابل كل كيلوواط من الكهرباء».
وهنا شدد سموه على أن بلاده لا تستهدف فقط إنتاج الكهرباء من المشروعات الشمسية، ولكنها أيضًا تضع تحدي تقديم ذلك بأقل كلفة استهلاكية.
وانتقل بالحديث إلى خطط التوسع في مجال طاقة الرياح في المملكة، فقال: «إن ما يصل إلى 50 % من الكهرباء ستكون منتجة من مصادر متجددة، والنسبة الباقية ستكون من موارد هيدروكربونية، على رأسها الغاز الطبيعي، ليصبح بذلك القطاع الأكثر فاعلية وكفاءة على مستوى العالم أجمع، وتحدى الجميع في ذلك».
وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان: لدينا بالفعل أفضل برنامج لكفاءة الطاقة، ما دفع وكالة الطاقة الدولية لدعوتنا من أجل استعراض تجربتنا أمام العديد من الدول».
وأشار في ذات السياق إلى مجال التنافس إلى امتلاك المملكة أعلى قدرة عالمية على «التقاط الميثان»، وعزله وتحويله إلى استخدام مفيد.