الرياض - خاص بـ«الجزيرة»:
يؤكّد الدكتور عيسى بن عبدالله الغيث القاضي وعضو مجلس الشورى أن عقم الخطاب الدعوي بسبب تقليديته وتطرفه وتحكمه بنفسه ومصادرة غيره، وأن الخطاب الإعلامي هذَّب الخطاب الإسلامي الذي في غالبه متأسلم مختطف لصالح أدلجة وأجندة تتاجر بالدين.
وقال الدكتور عيسى الغيث في حواره مع «الجزيرة» أن وعي الجيل الجديد جعل الناس تترك العلماء والدعاة، وأن خطباء المساجد والدعاة يحتاجون للوسطية والتسامح، كما تناول الحوار عدد من الموضوعات والقضايا المتنوِّعة، وفيما يلي نص الحوار:
* لديكم خبرة في سلك القضاء تمتد لربع قرن، ترى بماذا خرجتم منها؟
- خرجت بألا أحكم إلا بعد أن أسمع.
* ما الأثر الذي لا يزال عالقاً في ذهنك إبان عملكم في سلك القضاء؟
- ما ورد في لامية ابن الوردي:
إنَّ نصفَ الناسِ أعداءٌ لمنْ
وليَ الأحكامَ هذا إن عَدَلْ
* عملتم في ميدان الخطابة والدعوة.. ترى إلى ماذا يحتاج الخطباء والدعاة في المملكة؟
- يحتاجون للوسطية والتسامح.
* ظاهرة تصنيف الناس في المجتمع سلوك ينافي تعاليم الإسلام، والأعراف، ويؤثِّر على تماسك المجتمع ووحدته، من وراء ذلك؟
- وراء التصنيف «غير المشخصن» المخلصون من العارفين الناصحين، لأنه علم ووعي وتحذير لصالح أمن البلاد والعباد، وأما التصنيف «المشخصن» بالتعيين والأسماء فمحرّم ومجرَّم ومزايدات تحتاج لدليل ومكانها القضاء، وهذا مثل قولي (تكفير الفعل للإفتاء وتكفير الفاعل للقضاء).
* على الرغم مما نالته المرأة من تكريم في ظل الإسلام ما زال البعض يتشدقون بأنه ظلمها، فما ردكم على هذه المزاعم؟
- لم يظلمها الإسلام وإنما الغلاة.
* كان بعضهم ينكر النصح بحسبانه تشهيراً في مفهومهم، واليوم بعضهم يشهر بلا نضج، فمتى نعود إلى توازن عقلي شرعي اجتماعي يحقق المصالح ويدرأ المفاسد دون جلبه؟
- النصح المحرَّم والمُجَرَّم هو النصح العلني المتعلِّق بصاحب البيعة (الملك وولي العهد)، والنصح الشخصي للأفراد فيما يتعلَّق بهم لا بواجباتهم العامة كقول الشافعي:
تَعَمَّدني بِنُصحِكَ في اِنفِرادي
وَجَنِّبني النَصيحَةَ في الجَماعَه
فَإِنَّ النُصحَ بَينَ الناسِ نَوعٌ
مِنَ التَوبيخِ لا أَرضى اِستِماعَه
وَإِن خالَفتَني وَعَصِيتَ قَولي
فَلا تَجزَع إِذا لَم تُعطَ طاعَه
وأما نقد سلطات الدولة فيما تقدّمه من خدمات فهذا جائز، حيث يقوم مجلس الشورى برقابة برلمانية، والإعلام برقابة صحفية وكتَّاب الرأي، وعموم الناس عبر «تويتر» مثلاً، وهذا منضبط بقانون مكافحة جرائم المعلوماتية، فلا يمنع الناس من النقد البناء، ولا يترك النقد الهدَّام.
* العنصرية المقيتة في كافة أشكالها وأنواعها ضاربة أطنابها في المجتمع، ولها أثر في تفتيت اللحمة الوطنية، كيف يمكن علاج ذلك؟
- العلاج بسن قانون مكافحة العنصرية.
* كيف يمكن الاستفادة من الزكاة في حل مشكلاتنا الاجتماعية؟
- بالمصداقية في جمعها والشفافية في توزيعها.
* هل ترون أن الاستجابة للعلماء ضعفت في حين استجيب للدعاة الجدد والخطاب الجديد؟
- بل ترك الناس الجميع، وذلك لوعي الجيل الجديد من جهة، ولتشدد الجيل القديم من جهة أخرى.
* هل ترى أن عقم الخطاب الدعوي سببه إدارته، وهل الخطاب الإعلامي سبب في تشويه الخطاب الإسلامي؟
- بل سبب عقمه تقليديته وتطرفه وتحكمه بنفسه ومصادرة غيره، والخطاب الإعلامي هذَّب الخطاب الإسلامي الذي في غالبه متأسلم مختطف لصالح أدلجة وأجندة تتاجر بالدين وجماعات حركية شوّهت شعاراتها بسوء أعمالها وعمالتها وارتزاقها للأنظمة الأجنبية المعادية والتنظيمات السرية العابرة للحدود ضد مصالح البلاد والعباد.
* إضافة أخيرة؟
- أؤكد أن الزبد يذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، ولا يصح إلا الصحيح مهما طالت الأيام.