د. عبدالله بن ثاني
لا أدري لماذا استحضرتْ ذاكرتي قول العرب «من استحلى رضاع الكذب عسر فطامه» حينما قرأت تغريدات حاكم المطيري في الطعن في قرار المملكة الشرعي والمنطقي بشأن خفض أعداد ضيوف الرحمن، لأنه دليل على أن الكذب سلوك ممنهج عند أمثال هؤلاء الذين لا يخجلون من خيانة للأمة والتطاول على شرفائها والتي لو مزجت بماء البحر لكدرته على الرغم من ملحه الأجاج، وقطعا لو كان حاكم المطيري في زمن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب لأوسع رأسه ضرباً بالدرة التي قيل فيها «درة عمر أهيب من سيف الحجاج» وكان يؤدب بها القصاص والجهال والمغامرين والكذابين الذين يفسدون على المسلمين دينهم مقابل تغريدته التي تناولت تنظيم المملكة العربية السعودية أعمال الحج هذه السنة بإقامة مناسك حج 1441هـ بخفض أعداد ضيوف الرحمن من المسلمين في الداخل بسبب جائحة كورونا (كوفيد -19) الداء والوباء الذي انتشر في أرجاء المعمورة انتشار النار في الهشيم متجاهلاً كل مقاصد الشريعة السمحة، بل إن فهمه قد قصر عن فهم تفسير الآيات وتطبيقات القواعد الفقهية المعتبرة إذ يقول: «هذا حج صوري وتحويل المسجد الحرام إلى متحف وطني لا يزوره إلا من تسمح له الحكومة السعودية وليس هو الحج الذي شرعه الله بقوله {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، وقال: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} وأضاف أيضاً: «جعل الله بيته الحرام محجاً لا يمنع منه أحد سواء العاكف المقيم حوله والبادي النائي البعيد عنه..».
من ينعم النظر ويمعن الفكر فيما سبق يستحضر هذا السؤال:
هل يجهل حاكم المطيري المقاصد الشرعية من قرار المملكة في هذا الشأن التي لا تخفى على ذي لب سليم الفطرة، فضلاً عن من يدعي التخصص في التفسير والحديث أم أنه يتعمد ذلك إمعاناً في التشويه على المسلمين لمصلحة سياسية وحزبية ليس غير؟
إنما مثل حاكم المطيري وهو يتناول الطعن في قرار المملكة المدروس فقهياً وسياسياً واجتماعياً ومن متخصصين معتبرين مثل ذلك الرجل الذي كان بجانب قبيصة بن جابر الأسدي حينما أصاب ظبياً وهو محرم، ووقع في نفسه من ذلك فأتى عمر بن الخطاب يسأله، وكان بجانبه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهما، فسأل قبيصة أمير المؤمنين عمر فالتفت إلى عبدالرحمن فقال: ترى شاة تكفيه، قال: نعم. فأمره أن يذبح شاة كفارة، فلما قام من عندهما قال له صاحب له إن أمير المؤمنين لم يحسن أن يفتيك حتى سأل الرجل بجانبه، فسمعه سيدنا عمر، فعلاه بالدرة ثم أقبل على قبيصة يضربه بها، فقال: لم أقل شيئاً يا أمير المؤمنين غنماً هو قاله، قال فتركني، ثم قال: أردت أن تقتل بالحرم وتتعد بالفتيا... ونسي ذلك الصاحب أن الله جل وعلا يقول في هذه المسألة «يحكم به ذوا عدل منكم»، وليس هناك أعدل من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهما، فهما ذوا عدل...
وهكذا حاكم المطيري الذي تجرأ على علماء الإسلام وهيئات المسلمين في غمصه للفتيا بجواز تقليل الأعداد في هذه الجائحة، ولي وقفات شرعية مع محتوى هذه التغريدة وما تبعها تتخلص فيما يلي:
1- المملكة العربية السعودية أخذت على عاتقها خدمة حجاج بيته وزوار مسجد نبيه صلى الله عليه وسلم ابتداء من خادم الحرمين الشريفين الذي يشرف كل سنة على سلامة ضيوف الرحمن بنفسه ويراقبهم تفويجهم من منى وحوله رجال الدولة كلا فيما يخصه، ليؤكد للمسلمين عامة أن المملكة تستضيف الملايين حجاجاً ومعتمرين وتستنفر كل طاقاتها وتستحضر كل جهودها وترى ذلك من أولى الأوليات وألزم الواجبات على حكام هذا الوطن حتى التصق مسماهم بخدمة الحرمين الشريفين زاهدين في كل ألقاب الجلالة والجبروت التي تليق بتاريخ عريق، ولا يمكن لمنصف إلا أن يستحضر تلك التضحيات الرسمية والشعبية التي يقدمها هذا الوطن لحجاج بيته وزوار المسجد النبوي إذ أصبح أنموذجاً لإدارة الحشود بكل نجاح، وتستشهد بها أكاديميات العالم وأقسام الدراسات الميدانية ومراكز البحوث، وهذا موثق بالصور والتقارير والمشاهد المصورة.
2- لم تتخذ المملكة العربية السعودية هذا الإجراء إلا بعد فتوى ومشورة أهل الاختصاص من علماء معتبرين وأطباء ممارسين وغير ذلك من الجهات التي تؤكد خطورة هذا الوباء وبخاصة أن غالب الحجاج من الدول من كبار السن الذين لا يستطيعون مقاومة هذا الوباء، وكل تقارير منظمات الصحة العالمية ومؤسساتها الممارسة تشهد على ذلك.
3- المملكة العربية السعودية من واجباتها الشرعية تجاه إخواننا المسلمين الحفاظ على سلامة الحجاج، ولكنها تخشى أن يعود هؤلاء الحجاج إلى بلادهم وقد أصيبوا بالوباء، وحينئذ سينتشر من جديد في أسرهم ومدنهم وبلادهم وتضيع جهود شرفاء العالم في محاصرة هذا الوباء ليعود الناس مذعورين إلى المربع الأول وبخاصة أن معدلات الإصابة بهذا الفيروس القاتل في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة لا تزال مرتفعة، والأرقام المعلنة يومياً في تقارير وزارة الصحة تشهد على ذلك بكل شفافية ووضوح.
4- ينطلق حاكم المطيري في نقده غير الموضوعي من منهج حزب الإخوان المسلمين والحزبيين الذين يوظفون الإسلام في تسويغ سلوكهم الحزبي وأهدافهم الحركية وليست هذه القضية الأولى إذ هي شنشة نعرفها من أخزم كما قالت العرب، ومن منهجهم الخبيث المخبث توظيف الفتوى وأعمال الإسلام خدمة للتنظيم دونما مراعاة لمصلحة الإسلام والمسلمين فيتعمدون التأزيم والكذب في كل قضية، وقد كان من أدبيات هذا التنظيم «الكذب أفتك الأسلحة»، «والكذب من عادة إلى عبادة»، «الكذب استراتيجية الإخوان»، ويستخدمون الفتوى في الخصومات السياسية جرأة صريحة على الله دون مراعاة للأخوة الإسلامية ولا للضمير الإنساني السليم الذي لا يمكن أن ينسى كل ما قدمته حكومة المملكة تجاه ضيوف الرحمن كل هذه السنين، ويقف عند هذه السنة ذات الظروف الإنسانية والاستثنائية التي هي قدر من أقدار الله المؤلمة على البشرية على الرغم من أنها لم تمنع شعائر الله ولم تعلق مناسك الحج بل قللت الأعداد.
إن مثل هذا التشويه الممنهج والتشغيب المتعمد والأوهام المتخيلة ينطلق من قواعد الفكر الحزبي للتنظيم الإخواني في التعبئة والتكوين والتحشيد محاولة لتحقيق العزلة الشعورية للفرد المسلم والتوحش من المجتمع والدولة.
5- إن التسجيل الذي تم بثه مؤخرًا بين القذافي وحاكم المطيري الذي يقول للقذافي: «ومثلك يُعنى إليه» يؤكد على أنه ينطلق في هذا التشغيب على المملكة من نشر الفوضى في بلاد المسلمين وبخاصة دول الخليج، وما هذه التشغيبات إلا تطبيق واقعياً على منهجه التآمري الحزبي التكفيري الذي يضمر للمسلمين التدمير والتشريد والهلاك، ويتعاون مع شياطين الأنس والجن لبلوغ مآرب التنظيم الدموية.
6- لم يقدر بكل أسف حاكم المطيري حرص ولاة أمر هذه البلاد على حياة المسلمين التي قدمتها الشريعة على كل شيء وجعلتها من أولى الأولويات، بل حرمت الشريعة إلحاق الأذى والضرر بالمسلمين وزجهم في منطقة الوباء محرم شرعًا، قال تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا}، والمقصود هنا تحريم الإيذاء بالقول كما يفهم من السياق فماذا يقول حاكم إن كان الإيذاء بالفعل من خلال زج المسلمين في جحيمه وهم في عافية من البلاء والوباء والهلاك، بل إن خوفهم من العدوى القاتلة تلحق بعدم استطاعة ويحملهم على حال من لم يستطع إليه سبيلاً، بل قال تعالى: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}، وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ}، ووجود الفيروس القاتل يتنافى مع تحقيق الأمن، إذ المؤمن خائف ويترقب الوباء، ومن قصر في تحقيق أمنه فيه فهو آثم وتسقط التكاليف الشرعية الواجبة في ظل الخوف كصلاة الجماعة.
7- قرار المملكة مبني على مشورة ذوي الاختصاص المحققة لقوله تعالى: {وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، ودم المسلم أعظم حرمة عند الله وبخاصة إن كان لا يستطيع الحج فهو معذور ومأجور، إذ ورد عن عبد الله بن عمر بطرق مختلفة، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالكعبة ويقول: ما أطيبك وأطيب ريحك، ما أعظمك وأعظم حرمتك، والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن نظن به إلا خيراً»، فلماذا يرخص دم المسلم عند من هم أمثال حاكم المطيري ويطعنون فيمن يتولى ذلك ويستحضر النصوص الشرعية التي توجب الحفاظ عليه.
8- إن كان الحج ركنًا من أركان الإسلام وواجباً على كل مسلم مع الاستطاعة فقد تم تعليق بعض الواجبات كصلاة الجمعة والجماعة ببعض الأسباب التي لا تصل إلى مستوى كارثية فيروس كورونا القاتل المعدي كالثوم والبصل وغيرها، ومن ذلك ما ورد: «من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يقربن مسجدنا»، وقال الحطاب في التاج والإكليل: «وعذر تركها الجمعة والجماعة شدة وحل فمطر أو جذام» ونص البهوتي في كتابه كشاف القناع «وكذا من به برص وجذام يتأذى به قياساً على أكل الثوم ونحوه بجامع الأذى ويأتي في التغرير منع الجذمى من مخالطة الأصحاء»، والحج تم تقييده صراحة بالاستطاعة إذ يدرك الشارع مشقة السفر فكيف إن كان محاطاً بوباء قاتل معدٍ مثل كورونا.
9- من واجبات ولي الأمر حماية الناس من الضرر وفق القواعد الفقهية المعتبرة شرعاً، ولا أدل على ذلك من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم حينما وفد عليه وفد ثقيف وكان منهم رجل مجذوم، فأرسل له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنا قد بايعناك فارجع» حتى لا يختلط فتنتشر العدوى بين المسلمين، وبخاصة أن أولئك القادمين من مسافات بعيدة قد أضناهم السفر مما يؤدي إلى انخفاض معدلات المناعة في الجسم، فربما جلبوها للحجاج وربما أخذوها لبلادهم، وقد أعذرت الشريعة المسلم من تكاليف وواجبات لأسباب أقل ضررًا من كورونا القاتلة وإن كان الفقهاء جوزوا أن يفرق بين المسلم وبين زوجته إذا تجذم كان أحرى أن يفرق ويمنع من الاختلاط ولو كانوا في عبادة في هذا الوباء القاتل حماية للمسلمين، إذ القواعد الفقهية تؤكد على الحفاظ على الضرورات الخمس ومنها «الأمور بمقاصدها» وكان قصد الدولة نبيلاً وضرورة صحية وقراراً إنسانياً، ومنها قاعدة «الضرر يزال» ولا شك أن الاختلاط ضرر يؤدي إلى العدوى القاتلة، وزواله بأخذ الاحترازات والشروط التي حرصت الدولة على تحقيقها بين ضيوف الرحمن هذه السنة، ومنها قاعدة «المشقة تجلب التيسير»، والمشقة بينة في هذا الوباء المعدي وقرار الدولة تيسير على المسلمين، إذ يرفع الحرج عنهم والتزامهم به أجر إن استحضروا النية في الحفاظ على حياة المسلمين وعدم جلب الضرر لهم ومخالفتهم له إثم، وقاعدة «الضرورات تبيح المحظورات» وليست هناك ضرورة مثل منع الاختلاط والتزاحم على المناسك، فالدين يسر وسماحة وقد قال تعالى: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ}، وغير ذلك من القواعد الفقهية المتحققة في سلامة قرار الدولة بتخفيض أعداد ضيوف الرحمن بسبب هذا الوباء المعدي هذه السنة مما لا يخفى على أهل الشريعة وعقلاء القوم من مثل تحقيق تطبيقات عملية على قاعدة «يختار أهون الشرين»، «ويتحمل الضرر الخاص لدفع الضرر العام»، «ودرء الفاسد مقدم على جلب المصالح».
10- إذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم منع الصحابة الكرام من إخراج الأعرابي الذي بال في مسجده حتى لا تتجاوز النجاسة مقدارها وتبقى في مكانها ولا تتفشى في بقية المسجد أو حرصاً على صحة الأعرابي من خطورة احتباس البول فإن قرار خفض أعداد ضيوف الرحمن حتى لا يتفشى الوباء ولا ينقل لبلاد المسلمين مطلب شرعي. بل إن فتوى العلامة ابن عثيمين رحمه الله بنصيحة أولياء المختل عقلياً أن يمنعوه من المسجد وكذلك فتوى العلامة ابن باز رحمه الله بمنع الحائض والجنب من دخول المسجد استدلالاً بنصوص شرعية يؤكد على أن منع الاختلاط في المناسك بسبب هذا المرض المعدي القاتل لا يخرج عن تلك المصلحة بل إن المنع في هذا الوباء أولى وأوجب، لأن الأحاديث الصحيحة تؤكد الحجر الصحي الذي قامت به الشريعة حماية للمجتمع المسلم فقد أخرج الشيخان: «لا يوردن ممرض على مصح»، وقد فصل ابن القيم رحمه الله في الأسباب التي من أجلها منع الشرع الدخول والخروج لأرض الوباء. وكذلك ينطلق قرار الدولة من تخفيض الأعداد في حج هذا العام من هذا المقصد الشرعي لأن تصرفات الإمام على الرعية منوطة بالمصلحة كما قال العلماء، بل إن الحفاظ على الضرورات الخمس (الدين، النفس، العقل، العرض، المال) من أعظم وظائف الإمام والمصالح المرسلة بينة في مضامين هذا القرار الشرعي.
11- قام أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بتطبيقات عملية تؤكد فهمه السليم لمقاصد الشريعة في الحفاظ على الضرورات الخمس وبخاصة في وباء الشام والطاعون الذي يشبه كورونا في العدوى، روى الإمام البخاري عن عبد الرحمن بن عوف أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم به يعني الطاعون بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه» ولا يمكن تقييد ذلك بالفرار لأنه خلاف مقصد الشريعة من منع انتشار العدوى ومثله قياساً عليه كما هو عند المحققين من العلماء كورونا المنتشرة في مكة والمدينة بشهادة الاحصاءات والأرقام المعلنة يومياً وتأكيد الحال والمآل على أنه مثل الطاعون في الاشتراك في تنزيل الأحكام الدنيوية على الأقل وكذلك الأوبئة المستجدة مما هي غير معروفة في الأسلاف، وربما كانت أخطر بسبب ارتفاع درجة المخاطر بالعدوى وعدم السيطرة عليه وكثرة الوفيات وعدم اكتشاف لقاح لهذا الوباء المستجد على حياة البشر بما يفوق خطورة الطاعون والجذام المكتشفة منذ القدم، كما أن التيقن بالعدوى وحمل الفيروس القاتل لبلادهم بتقدير الأطباء يؤكد إجراءات المملكة شرعاً معتبراً وتؤجر عليه، بل إن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه كان تابعاً لفعل المصطفى صلى الله عليه وسلم في إخراج العرنيين الذين استوخموا من المدينة، ومما يؤكد فقهه رضي الله عنه أنه أخرج المجذومة من المطاف صيانة للطائفين (الموسوعة الفقهية 6/ 235)، وقرار المملكة في هذا الشأن يسير على نهج المصطفى صلى الله عليه وسلم وأئمة الهدى من بعده من السلف الصالح الذين فهموا الشريعة على أنها رحمة وعدلاً وإنسانية.
12- نص الفقهاء على أن الحاج إذا وصل محرماً ثم تبينت إصابته بمرض معد فإن أمكن اتخاذ التدابير بمنع اختلاطه بالحجاج وإلا تعين منعه من إتمام الحج، ومرض الحجاج متيقن في مكة المنتشر فيها الوباء فمن باب أولى منعهم ابتداء تحقيقاً للمصالح والمآلات المعتبرة شرعاً، ويكون الحاج المريض في هذه الحالة محصراً تنطبق عليه أحكام الإحصار في الفقه الإسلامي، فما بالنا بمرض مثل كورونا المنتشرة والتي تنتقل العدوى بشكل مرعب وخطير تطبيقاً للقواعد الفقهية التي تؤكد على إزالة الضرر بالأيسر ما أمكن والضرورة تقدر بقدرها.
13- تقييد ولي الأمر لبعض المباح أو المشروع في حدود الحاجة جائز بشرط عدم الديمومة، ويدخل السمع والطاعة له في تعليق واجب أو تقييده في الطاعة بالمعروف التي يؤجر عليها المسلم، والكل يعلم أن قرار الدولة في خفض أعداد ضيوف الرحمن بسبب هذه الجائحة بل إن وجود الحجاج في المناسك ولو كانوا قليلاً لا يعد من تعطيل شعائر الله، وما أن تزول سيعود كل شيء على تمامه مع التعويض بحول الله.
وأخيرا إن حاكم المطيري قد ظلم نفسه في الافتراء على المملكة ولكن العزاء لكل الشرفاء والمخلصين أن من يترك وطنه الكويت هارباً من نعيمه إلى جحيم أوردوغان ويستعيض عن الولاء للكويت بولاء للتنظيمات السرية والأحزاب الحركية ويتآمر عليه مع القذافي آنذاك كما في التسجيلات، فلا يمكن أن ينصف الآخرين وبخاصة إن كان ذا فكر حزبي يتقرب إلى أربابه بالإساءة لوطنين عظيم مثل المملكة العربية السعودية وولاة أمرها الذين نذروا أنفسهم خدمة للإسلام والمسلمين والله من وراء القصد.