شوقية بنت محمد الأنصاري
لغة الفرج أقبلت، سيفرح الجمع ويصدح بهجة للعودة إلى حياة يرسمون معالمها الجديدة التي محا الحجر شخابيط عبثهم فيها، وأيقظ جزءًا من الإحساس والوعي لديهم، كيف سنحدد بوصلة أفكارنا، ونتخذ قراراتنا بقراءة المعالم الخارجية والداخلية لحياتنا المنغلقة، وفي لحظة أشرقت كوردة منفتحة.
هذا ما جعلني أرسم للعودة خطوطًا فكرية واعية يقظة، تحيطنا بالتوازن والحزم نحو مسيرة قادمة بحياتنا الدنيوية المستقبلية. أول هذه الخطوط:
لن تقوم لنا سعادة دائمة إلا بدستور قرآننا؛ فبين دفتيه رسم الله تعالى معالم النجاة والتخطيط والتنفيذ؛ لنسير على منهجية التغيير التنظيمي السليم دون ضرر ولا ضرار، ونضمن الربح والمكاسب، ونكبت الطغاة والملاحد بأن خلف هذا العالم بمعالمه البيئية والبشرية إلهًا واحدًا بقوته - سبحانه - أحيا الأرض بطبيعتها؛ لتشرق اليوم وكل يوم بنور ربها.
وثاني هذه الخطوط خط الحياة الآمنة؛ فلا يعيش الفرد عوالمه الهادئة الدافئة برغد عيش ورزق واسع إلا في أحضان دائرته الأسرية والوطنية. فمع أزمة كورونا لم يكن هناك أخصب من بيئة الأسرة السعودية؛ لتعيد للفرد منا سكونه؛ فيجد ذاته التائهة، ويحمي نفسه وفكره من كل الاعتداءات الضارة المضلة، ويعيش فرحة اللحمة والوئام بين أم وأب وإخوة وحفدة، يرسمون زهوة الحياة في أحضان أسرية مختصرة. واليوم مع انفراج حملة الحجر، وعودة الحياة، سيكون لأسرتنا الوطنية بصمات لا تختلف معالمها عن أسرتنا الحقيقية. سنعود بحذر، ونطرق أبواب الفرح بتقدير، ونروي الهدوء في الطرقات، ويعود الود والصفاء في المعاملات، وننهض بفكر واعٍ متوازن فطن لكل مخالفة، ولكل سلوك يعبث بالأمة، ويشوه معالم النهضة.. سنعود لمحاضن الأعمال، وقوة الازدهار، وعيون جنودنا الأبطال تناظرنا وتحرسنا من عبث العالم الخارجي، فيكتمل الأمان بمنظومة متكاملة في أحضان أسرة ووطن.
نصل إلى الخط الأخير، ولا بد أن يحين بعد هذه المنظومة إنتاج جمالي، قد لا يتقن الجميع تفاصيل جودة إنتاجيته إلا مَن عاش الإلهام خياله. ولعل الطبيعة اليوم وهي تستقبل البشرية المنعزلة تناديهم بشوق؛ لعلها تجد مَن يسمع شوقها. وهنا في قول الأديب الرافعي وصف حكيم، يحتاج لوقفة: «إننا لن ندرك روعة الجمال في الطبيعة إلا إذا كانت النفس قريبة من طفولتها، ومرح الطفولة، ولعبها، وهذيانها». فهذه وصفة وقائية بليغة، عيشوا تفاصيلها وأنتم تنطلقون لحياة تطيب بوعيكم ومروركم العطر، وتتزين بفنون صنيعكم. خاطبوا سماءها، وتمايلوا مع كثبانها، وارسموا الخضرة على سفوح جبالها، وعانقوا أمواج بحارها بروح طفل حنون بريء، لا يهوى الدمار، ولا التخريب، ويفرح بظل شجرتها وصوت تغاريد طيور بسمتها. وانقشوا من ألوان فكركم حرفًا عربيًّا، يحفظ إبداعكم الكتابي بلوحة أدبية وبصماتكم الفنية.
هذه خلاصة الحياة الجمالية.
في رزق الله وأحضان أسرة وأمان وطن.