خالد الربيعان
سَمِعْت عن الشطرنج البشري؟ لا؟ قهوتك وتعال!.. كان هناك رجال.. لطفاء، طيبين «باختيارهم»، لكن إياك.. بل «عيب.. كل العيب»، أن تخلط لطفهم بضعف، أو «إرادتهم عدم التخريب والإيذاء» إنها «وهن واستسلام».. كانوا يتميزون «بالحنكة»، «الرزانة»، رجال يُعرَفون بـ«التركيز»، «الالتزام».. «الولاء».. «الإرادة».. حياتهم قائمة على «الخدمة»..
عند الأزمات ويأس الناس: تجدهم لا تعرف من أين.. بالغو القوة لدرجة أن من يراهم لأول مرة في القتال سيؤكد لك أنهم بلا قلوب.. يوظفون أقل الإمكانيات ولو «قلماً» في أعمال كبرى.. كتخريب كيان شرير من الأكاذيب.. تغييره إلى الأبد.. يتأنَّى كل منهم كالقطط وينقض كما الأسد.. تم اختصار هذه المعاني كلها في لقب واحد عُرِفوا به تاريخياً باسم «الساموراي».
هؤلاء الرجال ومن على شاكلتهم: قامت عليهم حضارة اليابان.. تحكمهم فلسفة تسمى «بوشيدو»، كانوا رائعين، يحترمهم الشعب ويُبَجِّلهم ويثق فيهم، جاءت المؤامرات وتغير نظام الحكم، وتغير الزمان للأسوأ، وتغير معه الناس من الداخل، هم ثبتوا وانعزلوا.. ليحافظوا على «مَوْرُوثَهُم الداخلي» من التغيُّر.. أهم معنى يمكن أن تخرج به من مقال اليوم.
طاردوهم وقاتلوهم وفرضوا عليهم التخلي عن أسلحتهم، كانوا يعودون كل مرة بشكلٍ ما، هم أساس الرياضات القتالية التي تراها اليوم: مهما أكد لك الغير ومهما قرأت على الإنترنت، كانوا يتميزون بدرع عجيب تعرف شكله جيداً، وسيف مهيب من الفولاذ يسمونه «كاتانا»، أسلحة عجيبة أخرى وأساليب مثيرة للإعجاب استلهمت منها ثقافات أخرى الكثير وتدين لها بالتفوق.. حتى المجموعة التي تم تأسيسها لمحاربة الساموراي أنفسهم كانت «مقتبسة فنونها عنهم هم».. كانت تلك المجموعة الأخرى تسمى «نينجيتسو».
تجريد الساموراي من أسلحتهم أظهر عندهم صفة أخرى «المرونة»، ابتكروا فن قتالي هو «الجيو جو تسو»، فلسفته قائمة على الفقرة الأولى، يرتكز على استخدام طاقة من يهاجمك لتكون ضده هو، ودفعه عن عدوانه عليك فقط وليس القضاء عليه، فن أطلق عليه اليابانيون.. «القتال اللطيف».
منه تفرَّعَت فنون ورياضات أخرى مثل «الآيكيدو» التي تقوم فلسفتها على أنه «لا قتال.. وقْف اعتداء»، والـ»تاي جوتسو» التي دخلت فيها عناصر مثل السكين والعصا وسيف الكاتانا لأولئك الرفاق الذين يُصِرُّون على عدم الفهم، وأخيراً «الجودو».. التي جردت الجيو جو تسو من بعض تكنيكاتها القاسية التي تؤدي للكسور وفقد المفاصل.. بهدف إدخالها للمنافسات الرياضية الدولية كالأولمبياد، نجح ذلك.
كتبت مقالاً من قبل بعنوان «واكي جاتام» وهي إحدى حركات الجودو المتفرّع من هذا الفن، استعملها «راموس» أمام «صلاح» الطيب -وقتها- لدرجة السذاجة، كان راموس يحتاج لشيء «لطيف» لا يظهره أنه فَعَل شيئاً، تعلَّم بعد كروت حمراء أمام ميسي وغيره نتيجة حركات قاسية غبية كالضرب بباطن الحذاء المعدني واستخدام الكوع.. شاهد مرة أخرى ستجده أخذ صلاح المندفع من كتفه ويسقطه في نقطه ما، طاقة صلاح هنا واندفاعه كانت سبباً في عنف ارتطامه بالأرض على كتفه فانخلع..! مثال حي على تأثير رجال الساموراي على دوري الأبطال الأوروبي.. بعد أكثر من 4 قرون.
دخل هذا الفن لدول آسيا ومنها الخليج العربي حتى امتلكت الكويت «أحمد الهولي» أحد أهم كوادر هذا الفن عالمياً، أصبحت الإمارات قوة عظمى فيها وتنظم أكثر من 20 بطولة في مدن كطوكيو ولندن ولوس أنجلوس. وصل هذا الفن حتى البرازيل حتى أصبح سوقاً قيمته 3 مليارات دولار، الأسطورة هناك هو «هويس جريسي» وقد قام بجعل عدد من أبطال الرياضات القتالية الأخرى يستسلمون تباعاً.. رجال الساموراي فيما بعد وصلوا من المرونة لدرجة التخلي عن دروعهم واستبدالها بالبذلات الرسمية.. أصبحوا من رجال الدولة وقد قامت عليهم نهضة اليابان من خراب الحرب العالمية الثانية لتصبح قوة اقتصادية عظمى.. بعد توغُّل رجال الـ «بوشيدو» في كيانات الصناعة والتجارة والبنوك.. بمرونة.. ولُطْف!
المملكة
الاتحاد السعودي للجوجوتسو اتحاد مغر يحتاج من يديره باهتمام وهذا الاتحاد لا يتصدر الأخبار كثيراً.. لطيف! تحت مظلته هناك أبطال سعوديون منهم عبد الملك المرضي ومساعد الطريف صاحب ذهبية طوكيو، وصالح الحميد صاحب ذهبية آسيا، والرائع هاني بخاري صاحب ذهبية العالم لعامين متتالين، كلها مؤشرات متفائلة لإمكانية اتساع حجم هذه الرياضة وسوقها.
المدارس السعودية من أهمها «Riyadh Combat».. قد يكون هذا الاسم هام لك - عزيزي- أو لأطفالك.. في مواجهة أشياء كـ «التنمّر».. وفقدان مفاهيم لا بد عليهم تعلمها كالطاعة والخدمة والولاء للأسرة والوطن.