لا يخفى على الجميع الدور الذي تقوم به وزارة الصحة في تقديم الرعاية الصحية للمواطن والمقيم وتشكر على ذلك. أثار اهتمامي التعريف عن رؤيتها في الموقع الرسمي لوزارة الصحة في «تويتر» أن رؤيتها تتمثَّل في «تحقيق الصحة بمفهومها الشامل على كل المستويات للفرد والأسرة والمجتمع مع العمل على مساعدة المسنين والأشخاص ذوي الإعاقة بما يمكنهم».
مع الحجر الصحي وتبعاته نتوقّع كمختصين أن الاحتياج سيكون أكثر لدور العلاج الطبيعي والعلاج النفسي أيضاً في المرحلة القادمة. فالعديد من الأبحاث تؤكّد الارتباط الواضح بين المشاكل النفسية وتأثيرها على الجانب الجسدي الحركي والعكس صحيح.
الاحتياج إلى توفر العلاج الطبيعي في المراكز الصحية أصبح ضرورة وهناك العديد من الأبحاث والتجارب العالمية تؤكّد ذلك. لكنني سأستشهد هنا ببحث حديث لكادر سعودي والعينات كانت على المرضى السعوديين لما للأبحاث من أهمية قصوى في اتخاذ القرارات أسوة ببقية الدول المتقدّمة. فعامل البيئة مهم وأيضاً تأثير البحث على الجانب الاقتصادي والبيئي والصحي يعتبر من أهم المحاور التي تركّز عليها أهمية تأثير الأبحاث أو بما يُسمى Research impact وعلى أساسها يكون تمويل البحث واتخاذ القرارات المترتبة على النتائج البحثية التي تحدث فرقاً وتحسّن في الجانب الصحي والاقتصادي والبيئي.
وكما نعلم أن تعريف الصحة قديماً من منظمة الصحة العالمية كان بسيط جداً لكون الصحة هي الخلو من الأمراض. لكن التعريف للصحة حدث بعد ذلك ليكون الصحة هي التكامل الجسدي والنفسي والاجتماعي. ليكون هذا التكامل ويتوفر مفهوم الصحة الشامل لجميع أفراد المجتمع. نأمل تمكين أخصائي العلاج الطبيعي في مراكز الرعاية الأولية، فدورهم رئيسي في هذا التكامل الصحي، مثلاً عندما يتأثر مريض حركياً فإنه يؤثّر عليه نفسياً واجتماعياً أيضاً بلا شك والأبحاث والنظريات كثيرة في هذا الجانب لا مجال هنا لذكرها في هذه المقالة.
وكما ذكرت إن القرارات عادة تكون مبنية على أسس علمية وبحثية موثقة، فالأبحاث الوطنية كثيرة في هذا المجال لكنني سأذكر آخر دراسة طبية حديثة لهذا العام 2020 نشرت في مجلة علمية موثقة للدكتور هاني العباد والدكتورة سناء ماضي من مدينة الملك فهد الطبية في الرياض. دراسة أُجريت على المجتمع السعودي ورأيهم في توفير العلاج الطبيعي في المراكز الصحية كانت نتائج الدراسة بأن ذلك سيساعد في حل مشاكل الجهاز العضلي والعظمي وذلك سيقلّل الحاجة إلى استخدام الأدوية المسكنة والحاجة للعمل للأشعة والتشخيصات المتقدّمة وأيضاً سيسهل الوصول إلى المراكز الصحية بدل المستشفيات المركزية وهذا الجانب سيفيد المسنين وأصحاب الإعاقة وأيضاً سيقلّل الإصابة بالأمراض المزمنة مثل السكري والسمنة وأمراض القلب والشرايين.
وكما نعلم أن السعودية تسجّل أعلى نسبة عالمياً في أمراض السمنة والسكري فعلى سبيل مرض السكري من النوع الثاني يشكّل ما نسبته 90 % من الحالات في السعودية ولا يخفى على الجميع مدى ارتباطه بقلة النشاط البدني. والإحصاءات لا حصر لها في هذا المجال لذلك نرجو من وزارة الصحة إدراج العلاج الطبيعي وتمكين دور أخصائي العلاج الطبيعي في مراكز الرعاية الأولية لتحقيق رؤية 2030 ولتخطي المرحلة القادمة لما بعد كورونا وتقديم أفضل الخدمات الصحية لتعزيز مفهوم الصحة الشامل ورفع جودة الحياة.