يشعر أبناء المملكة العربية السعودية بكل الفخر والاعتزاز بانتمائهم -بحمد الله- إلى هذا الوطن المعطاء وهم يتابعون ما تقدّمه لهم الدولة -أعزها الله- من خدمات متعدِّدة راقية للتعامل مع الأزمة الصحية الناجمة عن تلك الجائحة «كورونا» التي اضطرب معها العديد من الأنظمة الصحية في مختلف أنحاء العالم المتقدِّم. ومصدر شعورنا بالفخر والاعتزاز يعود إلى ذلك التعامل المخطّط المدروس الذي تكاتفت فيه أجهزة الدولة بتوجيه ورعاية من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- لإدارة هذه الأزمة بكفاءة واقتدار، فتعاونت وتضافرت جهود وزارات الدولة وأجهزتها في الصحة والأمن، والطاقة والاقتصاد، والتجارة والمالية، والموارد البشرية والثقافة والإعلام، والتعليم، غيرها من الأجهزة فكان منهج العمل والتنسيق بينها واضحاً، وهدفه محدد ويدور حول صحة الإنسان وسلامته، فلا صوت يعلو فوق صحة الإنسان على أرض المملكة، بما تحمله كلمة «الإنسان» على إطلاقها من معانٍ، فلا فرقَ بين مواطنٍ سعودي ومقيم في توفير وتقديم الخدمات مجانًا، ولا فرقَ بين مقيمٍ حاصل على إقامة نظامية أو غيره من المخالفين، وتلك هي المعاملة الراقية، وهذه هي النظرة الإنسانية المتحضِّرة التي تعاملت بها المملكة للسيطرة على عدوى (فيروس كورونا) والحدِّ من انتشاره العشوائي، مما مكَّنها من المواجهة المنهجية الواعية لهذه الجائحة التي عاني وسيظل يعاني العالم من آثارها.كما أنه وفي خضم هذه الأزمة لم تنس المملكة أبناءها في الخارج فسارعت إلى تلبية رغباتهم في العودة إلى أرض الوطن، وسيَّرت الرحلات الجوية لعودتهم على الرغم من الظروف المعروفة والتي استدعت إيقاف الرحلات الدولية ووفرت لهم كافة الرعاية الصحية فور عودتهم للوطن.
لقد توافرت الرعاية الصحية في ظل إجراءات احترازية أخذت بها الدولة حفاظًا على صحة الإنسان، ومن كرم الله علينا أن كل ذلك تم في ظل بنية صحية تمكنت الدولة من إنشائها وتأسيسها وفق أرقى المعايير العالمية، وأنفقت عليها المليارات مما أفاء الله به على هذه الأرض المباركة، وتوَّجت المملكة كل ذلك بأنظمة صحية واجتماعية تضع مصلحة الإنسان وحقوقه في مقدمة سياساتها وبرامجها، فجاء أداء أجهزة الدولة إنسانيًّا بالدرجة الأولى. وقد نجحت أجهزة الدولة - بفضل الله ثم بالتوجيه والدعم والمتابعة من قيادتنا الواعية - نجحت وبكفاءة عالية في توفير جميع ما يتطلبه التعامل والمواجهة للجائحة وظهرت آثار ذلك فيما شهده العالم من حولنا وشهد به للمملكة من انخفاض نسب الوفيات بين المصابين فيها بالفيروس، وارتفاع نسب المتعافين نتيجة الإجراءات الاحترازية والسياسات الاستباقية الموفقة التي اتخذتها الدولة بما يعدُّ مفخرة بكل المقاييس.
لقد تم ذلك في الوقت الذي تهاوى فيه أداء العديد من أنظمة الصحة في العالم، بل وأظهرت تلك الأنظمة هشاشتها في التعامل مع الجائحة، ولم يعد خافيًا على أحدٍ ما آلت إليه بعض تلك الأنظمة مما قوبل بالكثير من الشفقة والتعاطف مع حالاتهم المتردية المؤسفة.
ولعله من نافلة القول إن التعامل الإنساني الراقي لأجهزة المملكة مع جائحة الكورونا قد أضاف رصيدًا متجددًا على صفة مملكة الإنسانية التي تُطلق على بلادنا - ولله الحمد - بما يحمله ذلك الرصيد من معانٍ ومفاهيم أصبحت تتركز كل يوم في ذاكرة العالم، ويؤيّد ذلك المبادرات الإنسانية للدولة -أيَّدها الله - سواءً في التعامل مع تلك الجائحة داخل المملكة أو خارجها.
فعلى الرغم من شدة الجائحة وآثارها وما استلزمته الإجراءات الاحترازية لمواجهتها فقد خصصت الدولة مليارات الريالات لتنفيذ خططها في المواجهة ودعم المواطنين وتوفير السلع ولاحتياجات اللازمة، وإطلاق مبادرات عاجلة لتخفيف الأثر على القطاع الخاص، ودعم الاقتصاد والمحافظة على وظائف المواطنين في المنشآت الاقتصادية، ومواصلة تنفيذ برامج خطط التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدولة من خلال المخصصات في الميزانية العامة أو من خلال الصناديق التنموية، وكذا من خلال صندوق الاستثمارات العامة الذي أسسته المملكة للارتقاء بأدائها الاقتصادي وتنمية العائد على أصولها، كما حرصت على مواصلة مختلف برامج التنمية وتوفير الدعم المالي السريع على الرغم من التراجع الحاد في الإيرادات النفطية وغيرها من الإيرادات التي تأثرت بشدة نتيجة تلك الجائحة.
وفي ذات الوقت فقد سارعت المملكة إلى تقديم العون والمساعدة للأشقاء والأصدقاء في مختلف بقاع العالم، وإلى المنظمات الدولية المختصة لدعمها في مواجهة الجائحة، وهذا هو عهد المملكة في الملمات والأزمات، فهي وبحقٍّ مملكة الإنسانية كما يعرفها ويُطلق عليها عالم اليوم.
فهنيئًا لنا نحن أبناء الوطن، وهنيئًا لكل من يقيم على أرض بلادنا المباركة، رحم الله من أسس هذا الوطن المعطاء، ورحم كل من أشادوا ورسّخوا كيانه، وحفظ الله ووفَّق بفضله خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان وأمدَّهم بعونه وتوفيقه. وأدام وحفظ لنا أمننا واستقرارنا، إنه سميع مجيب.
** **
- وكيل الوزارة، بوزارة الثقافة والإعلام، سابقًا