فضل بن سعد البوعينين
ليست المرة الأولى التي تبرز فيها أهمية كفاية الأمن الغذائي، وتحقيق وفرة المخزون الاستراتيجي، واستدامة سلاسل الإمداد. لا تقل جائحة كورونا في تأثيرها على سلاسل الإمداد وتوافر الغذاء عن باقي الأزمات الحادة السابقة المختلفة في أسبابها، والمتماثلة في انعكاساتها على توافُر الغذاء، واستدامة الإمدادات، واستقرار الأسعار.
اتخذت حكومة المملكة احتياطات مختلفة لتحقيق أمنها الغذائي خلال العقد الماضي، وعززتها برؤية 2030؛ إذ تنوعت الإجراءات التحوطية بين توطين صناعة الأغذية، والتوسع في القطاع الزراعي لتوفير المنتجات المحلية، والاستثمار الخارجي في الدول الزراعية الغنية بالمياه، وتعزيز الخزن الاستراتيجي.
كشفت جائحة كورونا عن كفاءة مخرجات الاستراتيجية التي أسهمت في تجاوز الأزمة بأقل الأضرار، وأبرزت أهمية الإنتاج الزراعي المحلي في مواجهة الأزمات، واستدامة سلاسل الإمداد، والدور الفاعل للخزن الاستراتيجي والرقابة في ضبط الأسواق، ومنع تجار الأزمات من الإضرار بالمجتمع، والتكسب على حساب المستهلكين، وأهمية التحرك السريع لتعويض الفاقد من المخزون الاستراتيجي من خلال الاستيراد، وطمأنة الأسواق لضمان استقرار الأسعار، وتوافُر السلع.
وفضل الله، ثم الجهود الحكومية، نجحت المملكة في امتلاك أكبر طاقة تخزينية في المنطقة؛ وهو ما أسهم في تغذية السوق المحلية، ومعالجة أزمات بعض الدول المجاورة. وهو أمر ما كان ليتحقق لولا جهود الحكومة الاستباقية، ورؤيتها في تحقيق استراتيجية أمنها الغذائي.
وزارة البيئة والمياه والزراعة أعلنت تقديراتها بـ»تخطي الأمن الغذائي في المملكة جائحة كورونا المستجد بالرغم من حدة الأزمة، وتأثيرها المباشر على سلاسل الإمداد الغذائي عالميًّا. وأشارت إلى تمتُّع المملكة بأكبر طاقة تخزينية للقمح والدقيق في الشرق الأوسط، بما يفوق 3.3 مليون طن».
والحقيقة إنها تتمتع أيضًا بأكبر مخزون استراتيجي للسلع والمنتجات في المنطقة، وهو ما اجتهدت لتحقيقه وزارة التجارة التي جمعت بين كفاية المخزون الاستراتيجي، وضمان استدامة سلاسل الإمداد، وفرض الرقابة الصارمة على الأسواق.
أحسب أن رؤية 2030 أسهمت بشكل فاعل في تعزيز المكاسب في القطاعَين الزراعي والتجاري، ورفع حجم الإنتاج المحلي.
كما كان لصندوق التنمية الزراعية دور محوري في تحقيق الاستدامة المالية، وتوفير التمويل اللازم للقطاع الخاص والمزارعين، بما يتوافق مع الاستراتيجية الزراعية، واستراتيجية الأمن الغذائي؛ إذ تشير البيانات إلى زيادة كبيرة في التمويل من 450 مليون ريال في 2016 إلى ما يقرب من مليارَي ريال في عام 2019.
المكاسب المحققة في التوطين والخزن الاستراتيجي، وانعكاساتها على الأمن الغذائي، من المحفزات المهمة للتوسع في تحقيق متطلبات الأمن الغذائي الشاملة.
تقوم الحكومة بدور محوري لتحقيق هذا الهدف وفق متطلبات رؤية 2030. وأجزم أن النتائج المتميزة لجميع القطاعات الحكومية، وفي مقدمها وزارة البيئة والمياه والزراعة، ووزارة التجارة، ستحفزهم جميعًا لبذل المزيد من أجل الوصول إلى السقف الأعلى من الكفاية والكفاءة المحققة لاستراتيجية الأمن الغذائي، وفق آليات حديثة، تعظم الإنتاج، وتضمن الاستدامة بإذن الله.