عبد الله بن سالم الحميد
تعزية الصديق عبدالله الرميزان في والده الشيخ محمد الرميزان -رحمه الله-.
أخي الصديق الوفيّ: الأستاذ عبدالله بن محمد الرميزان.. كم تعجز العبارات عن صياغة نسيج الحبّ والوفاء لرجلٍ سكنت محبّته قلوبنا على مدى خمسٍ وخمسين سنة من العمر، هو والدك العزيز الأغلى الشيخ محمد بن عبدالعزيز الرميزان، الذي يرغم أيّ إنسان على محبته، على الرغم من حزمه أبداً، وقسوته أحياناً -غفر الله له ورحمه وأسكنه الفردوس الأعلى من الجنة-.
عندما وقفتُ على قبره يوم الأحد (ثاني يوم بعد دفنه) تلعثمت الكلمات عند الصلاة عليه، وارتحتُ نفسيًّا بعد الصلاة عليه؛ إذ لم أتمكن من حضور تشييع جنازته يوم الدفن (يوم السبت 14-10-1441هـ الموافق 6 يونيو عام 2020م).
تفجّرت مع دموع الحزن هذه الأبيات متذكّرةً أشتاتاً يسيرةً من الذكرى والمواقف الأبوية الحانية.
القصيدة موجهةٌ لك شخصيًّا أخي رفيق عمري عبدالله الرميزان، ولشقيقك العزيز الأستاذ راشد بن محمد الرميزان.
(شهقةُ الحبيب)
وَجدي ووجدك تقبيلاً أياديهِ
هذا الذي سبرَ الأغوارَ في التّيهِ
هذا الذي غرس الأشواقَ في دمنا
نحو المحبّة والذكرى تناجيهِ
وأنشأ الأسرةَ الكبرى بشقوتهِ
حتّى تنزّه في أسمى فيافيْهِ
طموحُ رغبته العليا يحرّضهُ
نحوَ الرقيّ الذي كم ظلّ يُعليهِ
في ناظريهِ هواجيسٌ يطوّرها
وساعداهُ مداراتٌ تنمّيهِ
إن أشرقت شمسُه بالبشر تُبهجنا
وافتضّ مجلسه ممن يحيّيهِ
رحنا لدرعيّةٍ، عشنا بمزرعةٍ
وبالمراتع كم ذقنا أمانيهِ
روحُ الفريق الذي نضّرتَ وجهته
من والدٍ عاش باليمنى يُسقّيهِ
أنّى اتّجهتَ أخي بالنبض تخدمه
وروحكم أبداً موصولةٌ فيهِ
من حبّه دافع اللقيا يشوّقنا
إلى السلام الذي يرتاحُ داعيهِ
وحدّقت عينه في الوجه يرقبهُ
ويستعيدُ علاقاتٍ تُزكّيهِ
يا روعةَ الكونِ كيف الفكر يدهشه
تحوُّلاتٌ تثيرُ العقلَ، تُثريهِ
تنداحُ فيها سؤالاتٌ تحيّرنا
وتستفيقُ على بُعد التشابيهِ
ترتادُ عزّتُه في عقله جدَلاً
لا يستريحُ إذا غابت معانيهِ
يا شيخُ ما رأيكم في قول صاحبكم؟
هذا الكلامُ الذي يسمو ويُرضيهِ
كم كنتَ تروي بتيسير تفصّلها
أنّى تلقّفُها من لهفةٍ فيهِ
تُسلي خواطرَه بشرا لتُبهجَهُ
وأنت ترسم آفاقاً، تُداريهِ
إن غاب في سفر النزهات يقلقُنا
بُعدُ الحبيب الذي نأسى لنُرضيهِ
وإن تألّم عشنا في توجّسنا
وإن يعد ذكريات الشوق تدنيهِ
تُقنا لإفيان يامسْيو بمنتجعٍ
تضيءُ وحشتهُ أطيافُ راعيهِ
إذ كان يغمرها من نور حضرتهِ
والتّمرُ يدفئها في جوّ ترفيهِ
والباب أنّى أتى تبقى مشرّعةً
أفياؤه، موقدُ البشرى يناديهِ
لكنّ رحلته الأخرى تمزّقنا
حزناً عليه، وفقداناً لناديهِ
وُجداننا أبداً تقديرُ عشرته
في عمرنا حيثما نهفو، ونُغليه
ونصطفي نخبةً فضلى يودّعها
تبقي التواصل والذكرى وتبقيهِ