يمر كل إنسان منَّا في حياته اليومية بمواقف مختلفة منها السّهل ومنها الصّعب فإنها تحتاج منه التَّأمُّل والتفكر والترّيث في اتخاذ القرار الصّائب الَّذي يناسب طموحه ويعينه على حصول هدفه بدون قلق أو ارتباك أو اضطراب فعليه أن يستشير أوَّلاً أو يستخير الله ثانياً فإذا غلب على ظنه الرأي الأصوب والمسلك الأفضل أقدم على الموضوع بلا تردد.
فالمسائل تارة تحتاج من المرء العزم والشّجاعة على اتخاذ القرار. فإن التَّردد غالباً يعتبر فساداً في الرأي وبرودا في الهدف والهمَّة والهزيمة، ويعتبر كذلك داء لا دواء له إلا الحزم والجزم، ولنا في نبي هذه الأمَّة المحمدية القدوة الحسنة - عندما دار الحوار بينه وبين أصحابه الرأي عن معركة بدر وأخذ يطرح عليهم المشورة -فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه الكريم- {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} فإذا حصل للإنسان أمر من أمور الدينا فعليه أن يدرس هذا الأمر ويتأمّل فيه جيداً قبل أن يصدر حكمه فيه.
فقد وقف الخليفة - (أبو الصِّدِّيق رضى الله عنه يستشير النَّاس ومن حوله من الصحابة الكرام في حروب الردة فأشار له النَّاس والصّحابة كلهم عليه بعدم القتال، لكن الخليفة انشرح صدره للقتال، لأن هذا الأمر نصر للإسلام والمسلمين وقطع لدابر الفتنة فصمم على رأيه، قائلاً من فرق بين عمود الدين والزكاة - والله لو منعوني عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- لقاتلتهم عليه).
ويقول الحق تبارك وتعالى في محكم كتابه الكريم -فإذا عزمت فتوكل على الله- وقال جل شأنه {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ}.
وقال الشاعر الحكيم:-
إذا كنتَ ذا رأي فكَنْ ذا عزيمِة
فإن فساد الرأي أن تتردَّدا
فهناك فئة من البشر ينتابهم كثرة التكرار والتردد في القول في أخذ الرأي كما قال الحق تبارك وتعالى: {لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ} فهذا الأمر من طبيعة المنافقين على وجه العموم. فحياتهم مبنية على التّسويف وعلى التّذبذب مرة معهم ومرة مع هؤلاء ومرة هنا ومرة هناك وهكذا.
فالمؤمن الحق دائماً ثابت على التصميم والجزم كما قال تعالى:- {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا} أما أولئك {َهُمْ في رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ}.
والله الموفق والمعين.