كمٌ هائلٌ من الرسائل
يزاحم بعضها البعض.
بعثرة في صندوق الوارد
نغمةٌ مزعجة وإن كانت صامتة
ما تلبث واحدة إلا وتلتها الأخرى،
من المفترض أن خوارزميات الأجهزة تساعدنا في الفلترة والتصنيف،
يختلط شرقها بغربها، غثها مع سمينها..
سرد الحكايات فيها لا يعتني بالفارق المكاني والزماني
تنهال عليك كقنبلة تسرقك من عز تفاؤلك، فرحك، تبعدك عن عالمك إلى عالمها.
توقيتها الإنساني والروحي خاطئ فيها الكثير من التهويل والتضليل
(يا ليل ما طولك)
رسالةً طويلة تأخذ من الوقت للاستيعاب، للتصديق، للتدبر وللعذر منها ولها
هضمها صعب لكثرة ما فيها من «بهارات»؟!
فكل من مرت عليه أضاف لها ما يراه مُحسّناً حسب هواه وما يريد أن يوصله لمتلقيها
يريد أن يزيدها لذةً وجمالاً.. معتقداً أنه يبهرنا.. يشغلنا.. يسعفنا
لماذا علينا أن نحتمل شيئاً لا ننتجه؟!
الأحداث؛ لا تقبل الإضافات بناءً على الميول والهوى،
وسائل التواصل الاجتماعي بمختلف منصاتها سهلة النقل، جعلته في متناول يد الجميع
نتفق أن إيجابياتها ومنافعها كثر لكن أحياناً سرعتها وسهولتها تنقلب سلبية لخلوها من الصحة والتأكيد وبالأخص موضوع الإشاعات..
إليكم مثالاً على ذلك ما يحدث هذه الأيام حول فايروس كورونا المستجد وما يطاله من موجة الشائعات الضخمة والمعلومات المغلوطة غير الصحيحة، وما زال ذلك مستمراً حتى هذه اللحظة..
نرى ونسمع نصائح طبية وخلطات شعبية تنبؤات مختلفة بنشأته وتكاثره ورحيله وأوقات التعافي وفترات الحضانة، ولعبهم لجميع أدوار العلماء والأطباء..
لا أقلّل هنا من أهمية هذا الحدث ولا أستهين بخطورته لكن من المزعج أن نرى هذا الأمر
الاستفادة من سرعة انتقال المعلومة الصحيحة من أهل الاختصاص ومشاركتنا بالمعلومات الواقعية والمساهمة بالتوعية ونشرها..
شيء حميد.
غير الصحي أن الناس تميل دائماً لتصديق كل ما تسمع وكأنه هو الحقيقة الخالصة.
مؤلم أن الناس حتى وإن كانت لم تر.. تؤمن بالقصص الكاذبة والإشاعات الوهمية الممزوجة باحتمالات شخصية.
اختلاق الأمور الغريبة سلوك بشري مشين منذ الأزل ولا يزال.. وإن لم نختلق الإشاعة كنا ضحايا وصولها إلينا..
يا ترى إلى أين نحن ذاهبون؟
ما يرد من رسائل هو استخفاف بالعقل.
الإشاعة هي سلاح يستخدم ضد الأبرياء يستخدمه ضعاف النفوس والحيلة، لها تاريخٌ طويل متشعّب طالت دولاً وحكومات، كم من
شخص ظُلم بسببها.
رزقنا الله الوعي والعقل لنفرِّق بين الحقيقة والمخاتلة،
وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح.