فضل بن سعد البوعينين
أنجزت أرامكو السعودية صفقة شراء 70 في المائة من أسهم شركة «سابك» لقاء مبلغ إجمالي قدره 259.1 مليار ريال. هناك آراء متعددة ووجيهة حول هدف الاستحواذ والمكاسب المتوقعة للشركتين على المديين المتوسط والبعيد؛ غير أن تعزيز دور أرامكو في قطاع البتروكيميائيات على مستوى العالم، والتكرير والمعالجة والتسويق واستكمال سلسلة الإنتاج، والإمداد والتوسع في صناعة البتروكيماويات، واستثمار التواجد في مناطق جغرافية مختلفة، وتحقيق التكامل بين الشركتين؛ من المكاسب المُعلنة.
التركيز على إيجابيات الصفقة مع إغفال السلبيات أمر غير صحي، فلا يمكن أن تكون الجوانب الإيجابية هي المستحوذة على مفاصل الصفقة بمعزل عن بعض الجوانب المؤثرة التي قد تطال سابك، ومستقبلها، ومنظومتها التشغيلية ومواردها البشرية.
هناك تساؤلات كثيرة تطرح همسا من داخل سابك حيال مستقبلها، والعاملين فيها، ونوعية العلاقة بين الشركتين؛ وهل ستعتمد أرامكو آلية مستقلة في توجيهها من خلال مجلس الإدارة، أم أنها ستتعمق في التغيير الداخلي ما يؤثر في منظومة سابك ومستقبلها، ومستقبل موظفيها وبخاصة الإدارة التنفيذية والإدارات الوسطى؟. تعتمد أرامكو في إدارة شركاتها التابعة على تصدير التنفيذيين وإحداث تغيير شامل في منظومة العمل وبما يتوافق مع الشركة الأم، وهو أمر قد يكون جيدا مع الشركات حديثة الإنشاء، أو الشركات المتعثرة، غير أن الأمر أكثر تعقيدا مع الشركات الكبرى التي تتميز بتاريخ تشغيلي ومالي يتمتع بالكفاءة والربحية. فشركة سابك هي فخر الصناعة البتروكيميائية السعودية، وقاعدة قطاع البتروكيماويات، ومن أكبر الشركات العالمية في الوقت الذي تعتبر فيه أرامكو فخراً للصناعة النفطية، وجوهرة تاج الاقتصاد السعودي، وصمام أمان صناعة النفط العالمية ومن الخطأ إحداث تغيير مؤثر في منظومة سابك وبما ينعكس سلبا على مستقبلها، ومستقبل موظفيها الذين أفنوا عمرهم في خدمتها، والملمين بخفاياها ودهاليز صناعة البتروكيماويات ما مكنهم من تحقيق النجاح التراكمي خلال عقود من الزمن.
كان من المؤمل أن تخلق أرامكو شركة منافسة في القطاع بدل الاستحواذ، تعزز من خلالها قطاع البتروكيماويات بشكل عام، والشركات السعودية الكبرى بشكل خاص، وتصنع من خلالها سوقا أكبر يسهم في زيادة الطلب على منتجاتها من النفط والغاز، أما وقد إستحوذت على حصة الأغلبية في سابك فالمرجو منها المحافظة على كيان الشركة ومكتسباتها وموظفيها وأن تعزز خطط التطوير الإستراتيجية، وفرص موظفيها وأن تبعث برسائل تطمينية قبل تسرب الكفاءات منها بسبب ضبابية المستقبل، وآلية تعامل أرامكو مع الشركات التي تسيطر عليها.
يتطلب تحقيق التكامل الأمثل بين الشركتين، وتعزيز المكاسب المشتركة من صفقة الإستحواذ، إحداث التأثير الإيجابي من خلال مجلس إدارة سابك، وأحسب أن أرامكو بدأت بالفعل في تعيين ممثليها في المجلس والرئاسة؛ وهذا حق أصيل؛ سيسهم في إحداث التحول الإستراتيجي وفق رؤية أرامكو المستقبلية وتحييد التأثيرات السلبية التي قد تتعرض لها سابك مستقبلا. تجربة سابك المتميزة في صناعة البتروكيماويات مقارنة بتجارب أرامكو يعطيها الحق بالبقاء والقيادة باستقلالية تحفظ كيان الشركة وتاريخها وحجم الاستثمارات الضخمة التي ضُخت فيها خلال العقود الأربعة الماضية.