عبده الأسمري
لكل إنسان أمنيات وأماني تستعمر وجدانه وتغمر داخله تبدأ تفاصيلها منذ دخوله في «حيز» الإدراك وتوغله في «عمق» التفكير فيرتهن صغيراً إلى الرعاية العائلية ويرتكن كبيراً إلى الهوية الذاتية فيشرع في بناء صروح «الاعتمادية» والميل إلى النفس والارتهان إلى الذات فيبدأ رسم «مشاهد» الاستقلال الشخصي التي عادة ما يتشكّل في البداية بمحاولات تتجه وتميل إلى قطبية الأخطاء والحماس وما إن ينضج حتى يبدأ ترتيب أوراقه والعودة إلى مستويات «المنطق» .
يرى الإنسان أمنياته طفلاً موزعة ما بين ميول واتجاهات ومواجهات فيرسم الخارطة بألوان عديدة فيخط في بداياته تلك الأمنيات باللون الأخضر عبر خطوط مستقيمة بحبر «البراءة» وجبر «الفطرة» يملؤها التفاؤل ويعمرها اليقين ثم يكبر قليلاً فيستغنى عنه باللون الأحمر الذي يمضي ليرسم «المنحنيات» و»التعرّجات» وفق مشهد «معقد» و»صعب» فإذا كبر بعدها قد يحن إلى «اللون الأول» الذي توّج فيه المطالب بالاخضرار فيصعب عليه استعادة «البدايات» وعندما يفشل يتحول إلى مجال «الحدود الحمراء» المعقدة التي ترميه في «المصاعب» وتجبره على «الانهزام» حينها وفي حالة «الضعف» الإنساني الفطري قد يستعين بقلم أسود عريض ليمسح كل الخطوط والحدود فيرتمي في براثن «الإحباط» وكمائن «اليأس».
تغفل الأسر عن إشباع المنتسبين إلى محيطها بجرعات «أساسية» من التيقن في مراحل عمرية تشكِّل لهم «مكمن» القوة أو «مسقط» الضعف» فتحول أمنياتهم إلى «شؤون» خارج إطار «التوجيه» أو «متون» داخل اهتمام الشخص بعيداً عن زرع «قيمة» السعي» وإنبات «مهمة» الوعي التي تشكِّل لكل إنسان دهرين أحدهما للثبات والآخر للتحول.
تتجاهل المدارس اقتناص «المواهب» فتتحول «كفاءة» المهارة إلى «مغنم» ضائع يراوح مكانه ليظل حديثاً عن الأمنيات كان من الأجدى تحويله إلى «حدثاً» من الإنجازات لنرى إسقاطات «الندم» طاغية على أحاديث الإنسان في مراحل نضجه ونضوجه نتيجة «ضياع» ذاتي فشل فيه بسبب معركة غير متكافئة ما بين الآمال والمصائر.
تأتي مراحل الأعمال فيجد الإنسان نفسه محاطاً بفرق سرية من أعداء النجاح وكتائب مفترية من سدنة الحسد فتأتي معارك أخرى تدور رحاها سراً وعلانية تزعزع «الاستقرار الوظيفي» وتهزم «القرار الشخصي» فيرتمي في دوائر سوء رسمت بإتقان «مخيف» من زبانية «الحقد» فتتحول الأمنيات إلى «تداعيات» تأرجح النفس بين العلو والسقوط ما بين تشبث بماض تليد والهروب من حاضر بائس.
الاستعداد «تخطيط» إنساني يصنع للإنسان مناعة ذاتية نحو تغيّرات العمر ومتغيّرات الزمن فيشكّل لديه مقومات «التكيّف النفسي» مع الظروف و»التكييف الشخصي» مع التحولات فتتكون لديه مقاومة للصدمات ومواجهة للاصطدامات مع كل ما من شأنه توقيف «قطار» الأمنيات أو توقف «قرار» التوجهات.
للأمنيات أسوار لا بد من تجاوزها إلى واقعية «النجاح» عبر مقومات نفسية ومعطيات ذاتية عنوانها «التوكل على الله» وتفاصيلها «الاعتماد على النفس» في ظل عطايا يجنيها الإنسان بعلمه وعمله وكفاحه ونفاحه في شتى اتجاهات البراهين والدلائل المشفوعة بحقائق «البصمات» الخاصة التي يكتبها كل إنسان في صفحات حياته وصحائف أعماله.
قد تحول بين الإنسان وأمنياته عوائق وعراقيل وقد يحصل على أمنية دون تعب وقد تصعب عليه أخرى رغم نضاله وقد تنهال عليه أمنيات آخرين كانوا يرغبونها وقد تتحول أمنياته التي كان يرجوها لتكون في متناول الغير لتأتي الحكمة القدرية في ذلك وسط محطات أخرى من العمر قد يتمنى فيها شخص تبدل الأمنيات ويأمل آخر في تحول الآمال ليبقى «التوفيق» علم غيبي و»الحظ» اقتسام مغيب.
تلعب «أسرار» الذات دور عظيم في اقتحام «أسوار الأمنيات» والنزول إلى ميدان «الحقائق» المرتبطة بالمهارات الفكرية والمترابطة مع المسارات النفسية التي من شأنها تحقيق الانتصار على العوائق والاعتبار بالوقائع وصولاً إلى توظيف الأهداف وتوصيف الرؤى لصناعة المستقبل وتحويل العقبات إلى «وثبات» نحو مراحل جديدة فالفرص متاحة ما دامت الروح تنعم بالحياة والنفس تستنعم بالعيش.