جعل الله تعالى الإبل آية ضمن آيات الإعجاز، وجاءت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة صريحة في أهمية الإبل كحيوان مخلوق، وكمشتقات الإنتاج أيضًا، وقد أشبع العلماء والكتاب هذا الجانب بحثًا وكتابة.
منذ استئناس الإبل في ألفيات ما قبل الميلاد، برز دورها المحوري في حياة الإِنسان، وأصبحت العامل الرئيس في جميع شؤونه، من التنقل من مكان لآخر بلا حدود، وداعمًا أساسيًا في الحروب في شتى دول العالم، مرورًا بالتجارة ونقل البضائع عبر الطرق التاريخية، وفي الجزيرة العربية أسهمت في توحيد هذا الكيان العظيم.
تحول الإبل من قوى حرب إلى اقتصاد ثقافي في رؤية 2030 والنظرة العميقة لوضع الإبل في مكانها الصحيح، كمدخل استشهادي على الدور الحربي للإبل بعيدًا عن الغزوات، وكدليل محايد على استخدامها كقوّة حرب، فقد استخدمت الإبل في بناء وحماية الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت مساهمًا رئيسًا في بناء بعض المدن الشهيرة في أمريكا مثل تاكساس ونيويورك، عندما استوردها الضباط الأمريكان لصد الهنود الحمر، ونقل الطرود البريدية بين ولايات أمريكا، فقد كانت هي الخيار الأنسب في خفض التكاليف وتحمل المسافات والصبر على المشقة خلاف الحيوانات التي كان يستخدمونها التي كانت تقتص الموارد المالية وتؤثر في الحياة العامة بشكل عام، نهضت الإبل برفع المعاناة عن المعنيين بتربية الحيوانات التي تستخدم في خدمة المدينة.
وعلى المستوى المحلّي، وهو موضوع أُشبع حديثًا، واستشهادًا، لكنه يبقى عمود الأدلة لدينا كأبناء لهذا الوطن، وهي مساهمتها في توحيد أركان البلاد، وتغنى بها الشعراء بمختلف أنواع الشعر...الخ. وكانت الإبل تحظى بشيء من الاهتمام كغيرها من الثروات الحيوانية، إلى أن أطلقت الدولة رعاها الله رؤية 2030 التي وضعت للإبل خانة ضمن الموارد الاقتصادية والثقافية، ممثلة في إنشاء نادي الإبل، كذلك الاتحاد السعودي للهجن. للتحول النظرة إلى الإبل من مجرد ثروة حيوانية تعيش على هذه الأرض ويستفيد منها المواطنون إلى قطاع ذي أهمية مثله كسائر القطاعات الأخرى، فكان مهرجان الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل بواقعها الحديث علامة فارقة في التوجه نحو تطوير هذه المسابقة وتأطيرها في أنظمة وضوابط معتمدة، وكذلك مهرجان صاحب السمو الملكي ولي العهد للهجن الذي أقيم بمحافظة الطائف وسجل رقمًا قياسيًا في موسوعة جينس كأكبر مهرجان لرياضة الهجن في العالم، بتسجيل أكبر عدد مطايا مشاركة في سباقات الهجن حيث بلغ عددها 11.178 من الإبل خلال الفترة من 11 أغسطس حتى 22 سبتمبر 2018، وبلغت جوائزه 53 مليون ريال تقريبًا.
فهذا الدعم غير العادي لكلا المسابقتين لم يكن مجرد ترفيه وحفاظًا على هذا المخلوق النادر، بل لأن يكون العائد المعنوي والمادي أكبر مما تم تقديمه، وهو ما يتطلع إليه الوطن، الذي يعلق آمال التطوير والتغذية المستدامة ليبقى قطاع الإبل قطاعًا فاعلاً في المجال الثقافي والسياحي والاقتصادي.
ومن الأهمية بمكان في هذه المرحلة التي تشهد توحيد الجهود بين المؤسسات الحكومية وفصل ودمج بعض القطاعات لتحديد الوجهة نحو الهدف التنموي المنشود، ربما يتم النظر في إعادة تشكيل نادي الإبل واتحاد الهجن وجعلها تحت مظلة واحدة كإنشاء النادي السعودي للإبل ليضم ركنين أساسين هما اتحاد مزاين الإبل واتحاد سباقات الهجن، لتكون الجهود موحدة من حيث مستوى التنظيم والموارد المالية والتمثيل في اللجان التي تتقاطع مع الجهات ذات العلاقة، وتكون المساهمة في الرؤية الثقافية والاقتصادية في مركب واحد يحافظ على الاستمرار وتطوير الأندية القائمة بما يحقق الآمال والتطلعات التي تنشدها القيادة والملاك سواء مزاين الإبل أو الهجن.