وأنا أتصفح بعض معرفات «تويتر» لمحت عيناي تغريدة لأحد الشعراء، وأظنه ليس مشهورا بدرجة كبيرة، حتى إن متابعيه لم يتجاوزوا ستة عشر ألفا فقط، كتب بطريقة عفوية عن كيفية بداياته الشعرية، حيث تأثر بأحد الشعراء وهو ابن زيدون، وخاصة قصيدته المشهورة في ولادة (أضحى التنائي) وبقصائد أخرى لذلك الشاعر، الذي ذاق معه طعم الشعر، وطرق به باب الشعر حتى أدخله.
وطلب من العابرين على قفصه الذي منه غرد، أن يذكروا ويتحدثوا عمن أخذ بهم على سوق الشعر ومآدب النظم والقوافي والأدب.
شدني الموضوع-بحكم اهتمامي بالأدب واللغة- وبدأت أقرأ تلك التغريدات الجميلة والألحان العذبة التي أرسلها المغردون العابرون.
رصدتُ الردود في سبع ساعات فقط، والذي أوقفني وشد انتباهي - على الرغم من غرابة بعض التجارب- إلا أني وقفت مشدوها متعجبا من شيء واحد، والحقيقة أنه يستدعي التفكير ويجذب الانتباه، ولعلي لا أطيل عليكم الانتظار، وهو أن لمناهج التعليم في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والثانوية أثراً كبيراً على هؤلاء المغردين سواء كانوا شعراء أم أنهم شُدوا وجُذبوا نحو الشعر، فالذي قربهم للشعر وقدمهم إليه قصائد وشعراء أثرت فيهم في كتب الأناشيد والنصوص في المرحلة الابتدائية والمتوسطة والأدب في المرحلة الثانوية.
أحصيت مئة رد على التغريدة، 20 % منها ذكروا تأثرهم بقصيدة أو شاعر في المراحل الدراسية الثلاث الابتدائية والمتوسطة والثانوية، ولم أحصِ طلاب الجامعة لكبر سن الطالب فيها، والتي قد تكون الموهبة والانجذاب قد استوى على سوقه.
مع أن هؤلاء المغردين لم يُسألوا هل للمدرسة تأثير عليكم في انجذابكم للشعر، مما يدل على صدق مشاعرهم في هذا الموضوع، وقد تكون البقية 80 % قد تأثروا بقصائد وشعراء من مناهجهم الدراسية، لكن لم يخطر على بالهم أن يحددوا أين وجدوا تلك القصيدة أو ذلك الشاعر!
الخلاصة: مناهجنا المدرسية وخاصة اللغة العربية كانت مليئة بالنصوص الشعرية الجميلة الرائعة والتي تحمل بين طياتها شعراء رائعين يملكون التأثير على ذائقة أبنائنا الطلاب بأساليبهم الشعرية الفريدة!
فهل غابت تلك النصوص مع دمج مناهج اللغة العربية في كتاب واحد في المراحل الثلاث، أما أن ذائقة طلابنا غيبتها التقنية الحديثة وألعابها وثوراتها؟
أعتقد- وذلك لقربي من مقررات المراحل الدراسية- أن السبب يتجه إلى قلة النصوص والقصائد الشعرية كماً وكيفاً في المقررات، فتنوع النصوص الشعرية المختارة بعناية؛ قد تجذب من لديه موهبة وقد تزرع الميل إلى الأدب والشعر ومن ثم إلى حب القراءة والاطلاع.
هذه خاطرة خطرت على قلب معلم، لعلها تكون فاتحة خير وبوابة تفكير في هذا الموضوع، ممن لهم شأن واهتمام...
*معلم لغة عربية