يا ذُرا السودة مُدِّي أذْرعاً
تحضُنُ الشاطئ في نصفِ القمرْ
والثُمي الباحةَ ما أروعَها
طفلة تختالُ كالغصنِ النَّضِر
وتهادَيْ صوبَ جازانَ التي
نبضُها نبضي ببَحْرٍ أو ببَرْ
والبسي الغيمةَ إحراماً إلى
ساحةِ البيتِ وتقبيلِ الحَجَرْ
واحضُني طيبةَ في خَلوتِها
واقرئي التاريخ يأتيكِ الخبر
تزهرُ التقوى على أرجائها
لن يَطأْها ذاتَ يومٍ من كَفَرْ
وانثري شعركِ منساباً على
متنِ سلمى والمراعي في الحَفر
وانفحي الخرجَ ضباباً حالماً
إن أنفاسَكِ في الخرجِ عطر
وتباهَيْ يا ابنةَ الغيمِ كما
تتباهى الغيد في العرسِ، خَفَر
وامنحي نجرانَ عهداً قاطعاً
واجعلي دَفْقَكِ في الوادي نَهَر
وارقصي جذلى على سهلِ الأبا
وامرحي نشوى بساحاتِ الزهَر
وارسمي حُلْمَكِ في ذاكرتي
يعزفِ القلبُ حياةً ووتَر
وإذا عانقتِ نجداً والصَّبا
زفرت حُبّاً وعشقاً يُنتظر
أينما يممتِ تلقَيْ بسمةً
وذراعاً وطنيّاً وظَفَر
رحبةٌ أرضك يا سَوْدَ عطاً
شامحٌ سوركِ إنْ باغٍ غدَرْ
لم يقلْ غيرُكِ إني قمةٌ
ترتقي شامخةً فوقَ المطر
لم يقلْ غيرُكِ إني ذروةٌ
في مدى الدُّنيا ببدوٍ وحَضَرْ
لم يقلْ غيرُكِ إني دولةٌ
جمعت خيراً وسيفاً ما انكسَرْ
مثلما خضَّب أهلُونا الثرى
بدماءٍ عفّرت وجهَ الدَّهَر
مثلما وحَّدَ باني شملِنا
قَلْبنا، رُشِّي عُطوراً في الصَّخَرْ
مثلما الإسلام وشَّى فعلنا
فارسمي حِنّاك في كف القَمَرْ
نحنُ في الإيمانِ صوتٌ صادقٌ
ولنا السَّبقُ بساعاتِ الكَدَرْ
حربةٌ نحنُ على أعدائِنا
لا نخافُ الموتَ أو نخشى الخَطَرْ
نمتطي الحقَّ سلاحاً فاصلاً
بين باغٍ أو دعيٍّ يعتذر
وصديقٍ مدَّ يمناهُ عطاً
لأخٍ كان، وجارٍ قد غدر
نحنُ غيثٌ لصديقٍ صادقٍ
وسمومٌ في عيونِ المستَتِرْ
يا ابنةَ المجدِ ويا أغلى حمىً
بأسُنا أمنع منْ أن ينْدَحِرْ
سوفَ نبني منهُ درعاً واقياً
للذُّرا والنفطِ من جارٍ قَذِر
فاهنئي بالعزِّ، أيا موئلهُ
كحِّلي عَينيكِ أمناً مستقِرْ
واصلي الوثبَ ولا تلتفتي
لطنينِ الحقدِ يهذي بالشَّرَرْ
هدْبُكِ الضافي دخانٌ عامرٌ
نهضةٌ يا سَوْدُ تُروى كالعِبَرْ
ازرعي الرَّملَ غذاءً مدُّهُ
أشبع القاصين قمحاً كالدُّررْ
ارفعي الرايةَ في وجهِ العدا
واصفعي الحاسدَ كفاً لا تَذَرْ
انظري حولك إنا لُحْمَةٌ
صُلْبَةُ المسِّ، لهيبٌ مُستعِرْ
رملُنا بردٌ على أقدامِنا
وعلى الطامعِ نارٌ تستعرْ
كلُّنا جِدٌ وَوَجدٌ ظامئٌ
كلُّنا عشقٌ، لعينيكِ أُسِرْ
نهضَ الشعبُ إلى قائده
يصفعُ البغيَ ويجتثُّ العَهَرْ
لن تمسَّ الدارَ يوماً لا ولنْ
تتغشَّاها خفافيشُ الغَجَرْ
سنصونُ العِرْضَ عن منحرفٍ
عرضك الطاهر يا سود نَذَرْ
فارفُلي بالعزّ يا سيدتي
واحلمي، حلمك ما شَاءَ أمَرْ
** **
شعر: د. إبراهيم بن محمد العواجي - من ديوان قصائد راعفة