عبد الرحمن بن محمد السدحان
لا أدري كيف سيدوّن مؤرخو هذا القرن المكلوم بكارثة (الكورونا)، وما أحدثته من أضرار بشعة في الأموال والأنفس! وقد شهد العالم بسببها: شرقيه وغربيه وشماله وجنوبه، ما خلفته هذه الجائحة من شرور ومواجع وحسرات. ولم يقتصر بلاؤها على مدينة أو بلد بعينه في شرق عالمنا أو غربه أو شماله أو جنوبه.. دون استثناء.
* * *
فجأة، وبدون إنذار أو نذير، وجدنا أنفسنا بين عشية وضحاها أمام كارثة لا تُبقي ولا تذر، بل لا تفرّق بين كهل أو شاب أو جنين من الجنسين، ودعونا الله مخلصين له الدين الذي بيده زمام كل شيء أن يقيض للإنسانية سبل الخلاص من هذا العدو الغاشم الذي يتسلل للمهاجع والمجالس حاملاً في لحظة من ليل أو نهار (فيروسه) الخبيث، فيختلط بالأنفاس البريئة، وإذا لم يكن لهذه الضحية وسيلة لاتقاء شره قضى عليها في ساعات.
* * *
ولقد اختلف الناس في كل بقاع الأرض لتفسير هذه الكارثة جذورًا وأسبابًا ونتائج. وتسارعت العقول إلى تكريس الجهد في هذا السبيل وصولاً إلى نتائج تطفئ لهب السؤال. ومنهم من زعم أن الكارثة (من فعل فاعل) من البشر من حيث يعلم أو لا يعلم.
* * *
ومهما يكن من أمر هذه الجائحة تحليلاً أو استنباطًا فإن الأمر سيبقى عصيًّا على الفهم حتى تزول الغمة - بإذن الله -، ويستعيد الناس القدرة على التحليل لظواهر الجائحة استدلالاً عليها لما كان بالأمس القريب أحجيةً، كلَّ الذهن في استكشافها.
* * *
كفانا أذى من هذا البلاء المبين أنه حرمنا من فضيلة الصلاة في المساجد؛ فغدت جوامعنا كهوفًا شبه مهجورة آناء الليل والنهار.
* * *
نسأل الله العافية من أذى هذا البلاء المبين، ودلَّنا على سُبل الوقاية والسلامة منه.
* * *
ورغم ما قيل أو كُتب عن هذه الجائحة، وما رتبه انتشارها على البشرية من عزلة في البيوت اتقاء لشرها، فإن من العقل أن يستنبط المرء الحذر اللازم والعزلة التي لا تكلف ممارستها شيئًا سوى الابتعاد ما استطاع عن أماكن انتشار هذا الوباء، اتقاء للعدوى منه.
وبعد:
كفى الله بلادنا الغالية قادة وشعبًا شر هذا البلاء، ووقانا أذاه وعواقبه، وهيأ لنا سبل الحماية منه، إنه ولي النعم والقادر على كل شيء، والحمد لله من قبل ومن بعد، رب العالمين.