مها محمد الشريف
انتهاك جديد.. تركيا تطلق عملية «مخلب النسر» شمالي العراق.. وتبدأها بضربات جوية ضد أهداف كردية، وقصف إيراني تركي مشترك شمال العراق، وعلى نحو متزامن، حيث تعرَّض شمال العراق لقصف إيران، فيما توغلت قوات تركية داخل إقليم كردستان العراق. وهذه السياسة المتبعة من كلا الطرفين سياسة العاجز والمتخبط تقوم بهذه الحروب والصراعات لصرف الأنظار عن أزماتها الداخلية وتتطلع إلى مكاسب سياسية واقتصادية تدفعها إلى إبادة بشرية أخرى، من منطق صناعة تقنيات إبادة تزداد تطوراً مع تطور الوحشية والعنصرية في العالم.
وكل هذا يحصل، والمجتمع الدولي يقوم بواجبات ويترك أخرى أكثر وضوحاً وأهمية، تحمل الكثير من انتهاكات متكرِّرة لسيادة الدول، في حين يستحوذ على اهتمامهم مسألة الإرهاب وحسابات أخرى لقضايا الغرب يتركّز الانشغال فيها كبرنامج إيران النووي، وفوز حركة حماس وما يتعلّق باعتراف الحركة بإسرائيل، لا شك أن جانباً من المسؤولية كفيل بأن يجد حلولاً عوضاً عن سياسة تساهم في تصعيد التوتر وإذكاء شعور الريبة، فالكل يتساءل أين المجتمع الدولي من انتهاكات إيران وتركيا لسيادة العراق.
بين هذا وذاك لا يوجد شيء يبشِّر بسلام في المنطقة وهذه الأنظمة تزاول مهام خطرة، لا يريدون حقيقة أخرى تسير بجوار حقائقهم الثورية فقد تعرَّض الأمن للخطر بثوراتهم وصراعاتهم شجعوا على التطرف وأعاقوا التطور، فهل نحن في زمن النهب والسلب دون قوانين دولية، بما أنه لا يوجد رادع لهم فقد أثقل كاهلهم الإجرام والفساد، حيث شنَّت طائرات حربية تركية غارات، على بلدة في قضاء العمادية في شمال العراق، وألحقت أضراراً مادية في مناطق زراعية.
لا بد أن يتوقف استنزاف ثروات العراق الطبيعية ومواجهة هذا التحدي، لماذا لا تتوقف الحروب والصراعات وإيقاف أنظمة الشر، ما هو الفهم لاستتباب الأمن، ومتى تفوق القوى العظمى وحلفاؤها من السباق المحموم من أجل التسلح، ماذا تنتظر بعد أن تدمر إيران وتركيا منطقة الشرق الأوسط؟ فقد حادت هذه القوى التدميرية عن السيطرة، ولم يعد بمقدورنا اليوم إحصاء أخطاء أردوغان والملالي وما تسببوا به من دمار وقتال وصراعات وزعزعة استقرار في الدول العربية.
لكن قبل أن نسأل عن المجتمع الدولي والدول العظمى وخصوصاً أمريكا التي سلَّمت العراق لإيران وأعطت دوراً للأتراك بنشر الفوضى في العالم العربي بسوريا وليبيا والعراق، فإن السؤال أين حكومات بعض الدول العربية وشعوبها؟ فإذا كانت المملكة العربية السعودية تتصدى لمشاريع الهيمنة الإيرانية بالمنطقة وأوقفتها باليمن ومناطق أخرى فيجدر بالدول العربية الأخرى الوقوف أيضاً لمواجهة هذا التحدي.
لهذا السبب ندرك أن الأمن القومي العربي في خطر كبير لم يسبق له مثيل، وأعلم علم اليقين بأن هناك بعض المؤدلجين من العرب أصحاب الفكر الإخواني، والإسلام السياسي الشيعي المدعوم من إيران، ليسوا سوى جسر عبور لمشاريع هاتين الدولتين المارقتين، فكيف يقبل أولئك القوم أن يلعبوا دور الخيانة؟ أليسوا شركاء بتلك الجرائم التي يموّلها خائن الأمة حمد بن خليفة؟
إن العالم العربي بات مستباحاً ولا بد من وقفة رسمية وشعبية واسعة من الشرق للغرب ضد هذه المشاريع التخريبية التدميرية والتصدي لها بالعمل وليس بالقول فقط، وهذا دور جماعي لا يقتصر على دولة بعينها، فالأمن القومي العربي مشترك ومسؤولية الجميع حكوماتٍ وشعوباً.