د.عبدالعزيز الجار الله
كانت تركيا تدافع عن دولتها الحديثة وعلمانية الدولة، وانفصالها عن الإرث العثماني، كونها قطعة من أوروبا، هي في المعاجم والأطالس يطلق عليها اسم آسيا الصغرى ومصنفة ضمن دول غرب آسيا، نراها اليوم الدولة التركية التي انسلخت من الإرث العثماني واستجابت ولسنوات لشروط وإملاءات الاتحاد الأوروبي كما كانت تمليه عليها دول الحلفاء المنتصرة في الحرب العالمية الأولى 1918م بشروط مذلة منها لتطلب منها التخلي عن ما يسمى الخلافة العثمانية والبقاء على علمانية الدولة وأن ينحسر نفوذها في بقائها في تركيا الحديثة، كان الاتحاد الأوربي يطلب شروطا قاسية مقابل الموافقة على الانضمام للاتحاد، وفِي النهاية في جواب مهين من الاتحاد الأوربي يرفض قبول تركيا ضمن دول أوروبا، هذه تركيا التي كانت ومازالت تستجدي أوروبا بالانضام -نراها اليوم- تستجلب وتطلب التاريخ العثماني، وتطالب بالسر والعلن جميع الإرث العثماني لإخافة وإرعاب أوروبا عندما تعلن عودة المجد العثماني، وهي على حدود أوروبا الشرقية.
تحاول تركيا من خلال ليبيا وسورية أن تتواجد في الضفة الأخرى لها أن تكون على نهايات الشواطئ الشرقية للبحر الأبيض المتوسط وتضع لها موطئ قدم مع ليبيا وهي في البحر الليبي دولة غير مجاورة أو مقابلة، من أجل أن تعزز موقفها التفاوضي على غاز ونفط البحر المتوسط إلى جانب مصر ولبنان وفلسطين، وتحرشاتها في القرن الأفريقي في الصومال بالبحر الأحمر والمحيط الهندي، ومياه المحيطين الهندي والأطلسي لتقول لأوروبا أنا تركيا على القرن الأفريقي في المحيط الهندي، وفِي شواطئ البحر الأبيض المتوسط الجنوبية والشرقية وإيران على المضائق باب المندب ومضيق هرمز، وتجول إيران حرة في مياه بحر العرب والخليج العربي وشط العرب.
تريد تركيا أن تضع الوطن العربي داخل كماشة قاسية تحاصره في الشمال الأفريقي، وأرض الهلال الخصيب وخليج عدن، وإيران تغطي حصار بحر العرب وبحر عمان والخليج العربي لتنفذ أجندة كانت قديمة حان وقتها بعد الربيع العربي.