بريدة - خاص بـ«الجزيرة»:
يعد التكافل الاجتماعي من الصور الوضاءة في المجتمع الإسلامي، وأكدت الآيات القرآنية والسنة النبوية على التلاحم والتكاتف والترابط والتعاون، ومع تعرض الناس لجائحة كورونا ألزمتهم منازلهم، ووقف أعمالهم ومناشطهم، زادت من آثارها السلبية على معيشة الناس وتوفير حاجاتهم الضرورية من مطعم ومشرب وملبس ومسكن، فكثر بسبب ذلك عدد المدينين وزادت عدد فواتير مديونياتهم والتزاماتهم.
«الجزيرة» التقت اثنين من المتخصصين لمعرفة الطرق المثلى في معالجة الثغرات والفجوات التي قد تفسد بناء المجتمع، وتضعف تماسكه، وكانت الحصيلة التالية.
سداد فواتير
ويؤكد الدكتور سليمان بن صالح الطفيل المستشار الاقتصادي أن التكافل الاجتماعي صورة من صور التعاون على البر والتقوى ودِعَامَة أساسية من دعائم المجتمع الإسلامي، وقد ظهرت العديد من نماذج التكافل منها ما اعتادت عليه مدينة غازي عنتاب التركية منذ أيام الدولة العثمانية حتى اليوم بقيام أغنياء أهل المدينة في العادة وشهر رمضان بشراء فواتير الديون التي على الفقراء والمحتاجين من البقالات داخل الأحياء بعد حصرها ثم سدادها حتى شاعت هذه العادة في كثير من الأحياء والمدن التركية، كما أطلقت وزارة الداخلية في المملكة العربية السعودية في رمضان الماضي لعام 1440هجري حملة فرجت لخدمة أهل الخير والغنى لتوصيل مساعداتهم بتفريج كربة المسجونين بديون عجز المدينين المعسرين عن سدادها، وذلك عبر منصة أبشر الإلكترونية لضمان وسلامة وصول الأموال وسدادها للدائنين بأسرع وقت، وهنا يجب التنبيه إلى ما يلاحظ من كثرة الرسائل عبر حسابات التواصل الاجتماعي التي تطلب سداد فواتير مدينين وهذه فيها مخاطرة أن تكون حسابات وهمية وغير صحيحة، والواجب الدخول على منصّة فرجت عبر موقع وزارة الداخلية لضمان سداد فواتير ومطالبات المدينين المسجونين.
مبادرات جديدة
ويشير الدكتور سليمان الطفيل إلى أن هناك حالات عديدة يمكن إطلاق مبادرات لها أو العمل عليها لتطبق قول الرسول صلى الله عليه وسلم:(حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)، ومن ذلك على سبيل المثال فواتير ودفاتر الديون على الأشخاص المعسرين في: البقالات والتموينات، ومحلات الخضار والفواكه، ومحلات مغاسل الملابس، ومحلات الملابس النسائية والأطفال والرجال، والمطاعم والبوفيهات، ومحلات الملاحم وبيع لحوم الدواجن، ومكاتب العقار تعثر سداد الإيجارات، وفواتير تعثر سداد الكهرباء، وفواتير تعثر سداد المياه، وغيرها العديد مما يمكن تصنيفه ضمن هذه القائمة.
تطور الجمعيات
ويرى الطفيل أنه من الأهمية بمكان أن تطور الجمعيات الخيرية من عملها في هذا الجانب وأن تطلق مبادرات قيمة كحملة فرجت بالتعاون مع الشؤون الاجتماعية، والهيئة العامة للأوقاف، والواقفين، ونظار الأوقاف عليهم مسئولية كبيرة في هذا الأمر أن يضعوا نصب أعينهم معالجة هذه الحالات، وتقديم خدمات عالية لها، فهناك الفقير العاجز والمسكين المتعفف والغني المبتلى المنكسر أو المتأزم، وكثير من النساء الأرامل والعاطلين عن العمل الذين لا يجدون ما يسدوا به حاجتهم ويستروا به حالهم، كما على كل غني ورجال الأعمال وسيدات الأعمال ألا يتأخروا في مسئوليتهم الاجتماعية وواجبهم الشرعي بالتصدق من أموالهم ودفعها للمستحقين لها من المدينين المعسرين؛ ثم إني أقترح أن تؤسس جمعيات تعاونية في كل منطقة من مناطق المملكة الـ 13 عَلى الأقل تسمى جمعية تعاضد أو تآزر أو تكاتف أو تكافل تعنى بهذه الفئة من المجتمع حتى يسود الخير وتشيع الفرحة والسعادة، ويشعر الجميع أنهم مجتمع واحد إذا اشتكى منه عضو تداعت سائر الأعضاء له كما جاء في الحديث المشهور عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.
تقديم مساعداتكم
ويؤكد الدكتور حسين بن محمد الحكمي الأستاذ المشارك في الخدمة الاجتماعية بجامعة الملك سعود بالرياض أن الِأثر الكبير لجائحة كورونا ومداه طال كل أفراد المجتمع بكل فئاته، هذا التأثير السلبي يتطلب وقفة من الجميع كل بما يستطيع وحيثما كان حفاظا على لحمة أفراد المجتمع وسعيا لتجاوز هذه الأزمة. قامت الدولة بمجهودات كثيرة خلال هذه الأزمة من خلال كافة القطاعات وعبر كل مؤسسات الوطن، رغم كل ذلك فإن على كافة الجهات والأفراد العمل بما يستطيعون من أجل التكاتف والتكافل والتعاضد والقيام بواجبهم كما قامت الدولة بواجباتها، وتأثر الكثير بسبب الجائحة والبعض توقفت أعمالهم وآخرون فقدوا مصدر دخلهم وغيرهم انقطعت بهم السبل، ليس فقط الفقراء من تأثروا بل حتى ميسوري الحال ورواد الأعمال وفئات مختلفة غيرها، هذا التأثير جعل من المهم أن يقوم أهل الخير والمال والجمعيات والمؤسسات ذات العلاقة بدورها الاجتماعي كي تساعد المحتاجين ومن تأثروا اقتصاديا، الكثير منهم قدم وبادر لكن ما يزال المجتمع بحاجة لوقفة أكبر من بقية الجهات وبعطاء أكبر ممن يستطيعون. الأسر والأفراد تأثروا ومنهم من أصبح لا يجد قوت يومه من خلال الجمعيات الخيرية ومؤسسات القطاع الثالث يمكن أن يتم تنظيم وتقديم المساعدات بعد أن يتم جمع ما يمكن من أهل المال والأغنياء. في مثل هذه الأوضاع يمكن لهذه المؤسسات أن تبدأ في تفعيل التطبيقات الإلكترونية وأن يكون لديهم قاعدة بيانات كبيرة تساعدهم في الوصول للمستحقين، كما أن هناك فئات من المجتمع موجودة بياناتهم لدى وكالة الضمان الاجتماعي في وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وأيضا هناك أناس متعففون يمكن للجمعيات الخيرية الوصول لهم وتوفير احتياجاتهم. كما أن هناك فئة من المجتمع من المقيمين الذين تأثروا بالجائحة يمكن أيضا جمع بياناتهم والتواصل معهم وتوفير احتياجاتهم وسد عوزهم.