فيصل خالد الخديدي
تنوع مخرجات الفنان تعطي مؤشر شمولية موهبته وثراء تجربته، ويزداد التميز بإتقان هذا التنوع وخروج المنجزات بذات المستويات الإبداعية التي يرفد بعضها بعضًا لتمثل شخصية الفنان الحقة وتستمد طاقتها الإبداعية بشتى أشكالها من ذاتية الفنان وتشكل ملامح هويته مهما اختلفت أجناس الفنون التي ينتجها أو اقتربت، وعند السبر في أغوار الذاكرة الإبداعية لفنان يعد من الأجيال السباقة في مسيرة الفنون التشكيلية المحلية فإن التنوع والتمكن هي أول ما يصافح العين من تجربته رغم قلة إنتاجه وانقطاعه لفترات طويلة إلا أن منجزه يستحق البحث والقراءة ومن غير الممكن ذكر فنون الكاريكاتير في السعودية دون الإشارة لتجربته التي امتدت لسنوات من خلال العديد من الصحف منها صحيفة الجزيرة، الندوة، عكاظ، مجلة اقرأ، مجلة حسن للأطفال، مجلة المبتعث ومجلة أخبار المبتعث بأمريكا، بل إنه صاحب أول معرض شخصي لفن الكاريكاتير على مستوى السعودية الذي كان بنادي الطائف الأدبي وافتتحه وزير الإعلام عام 1398هـ.
الفنان حماد الجعيد خريج معهد التربية الفنية عام 1392م وحاصل على بكالوريوس تربية فنية من جامعة ويتشيتا كانساس في أمريكا وماجستير تربية فنية من جامعة نورثرن كولورادو في أمريكا عمل مشرفًا للتربية الفنية بتعليم الطائف وهو ما صرفه كثيرًا عن إنتاجه الفني الذي شح أيضًا بعد انقطاعه عن رسم الكاريكاتير، له مشاركات فنية متنوعة وقدم معرضًا شخصيًا عام 1984م بجاليري دوقز هانق أب.كولورادو.أمريكا، حصل على العديد من الجوائز وشارك في الكثير من المعارض المحلية والدولية، له كتاب مشترك مع الفنان سعود النفيعي من إصدارات لجنة المطبوعات بالتنشيط السياحي بالطائف بعنوان (الفن التشكيلي في الطائف بداياته ومناهجه التطبيقية) أصدر في عام 1419هـ.
وقد امتازت رسوم حماد الجعيد الكاريكاتيرية بالتنوع في الطرح والإيجاز في العبارة والتعبير بالرسم وملامسة القضايا الإنسانية بمختلف توجهاتها ويرى حماد الجعيد (أن فن الكاريكاتير يستطيع إيصال الفكرة والحدث بطريقة سهلة ومبسطة لجميع أفراد المجتمع باختلاف ثقافاته ومستوياته العلمية، ويخشاه كل من هو معني به ويمكن تسميته بالفن المشاغب الذي يجيد الوخز المؤلم والشافي، من خلال تناول موضوع ما حيث يداعب هموم وهواجس المجتمع وتلحظ الاهتمام الواضح من الجميع على مختلف مسؤولياتهم في محاولة جادة وسريعة لوضع الحلول المناسبة بعكس ما يكتب من كتابات مطولة عمل على إيجازها) هذه النظرة والتصور من الفنان لفن الكاريكاتير الناقد الساخر العميق أصبحت جزءًا من شخصيته في تعامله مع بعض المواقف الحياتية اليومية، أما أعماله التشكيلية فإنها لا تقل إبداعًا عن أعماله الكاريكاتيريه فموهبته التي صقلت بالدراسة والممارسة أفرزت إتقانًا للشكل وتمكنًا في اللون بموضوعات إنسانية تراثية غلبت عليها الجوانب الزخرفية فظهر اللون بدرجات أكثر صفاء في تباين متسق وتكوينات هندسية أقرب للتكعيبية حتى في أعماله ثنائية اللون كان التميز حاضرًا في الشكل والتكوين وبتمكن لا يقل عن بقية أعماله اللونية والكاريكاتيرية، الفنان حماد الجعيد فنان متمكن وقادر على العطاء المتميز ابتعد عن المشاركة والظهور الفني لسنوات لكنه ترك أعمالًا فنية مهمة في فترات من عمر التشكيل المحلي تستحق التوثيق والدراسة.