اقول وبالله التوفيق في القول والعمل. سأتم ما بدأته من قصة ما كنت لأبوح بها لكم لولا الله أولاً, ثم ما كان من حوار يدور في العادة بيني وبين بناتي من الأعمال الفنية التي أنجزتها منذ بدأت رحلة التعبير باللون والفرشاة. التي يخطئ البعض أحياناً بقولهم كلمة «الريشة» بدل من الفرشاة التي هي الأداة التي يستخدمها الفنان، أما الريشة فهي للخطاط. وشتان فيما بين الأداتين في الاستخدام ولذلك وجب التنبيه الى ذلك.
أعود للوحتي ذات الخمسة أعوام وشهر، وما تبع إنجازها من حكاية أو قصة لتلك الحالة التي اطلعتم عليها، وقد كنت لا أنوي العودة إلى السرد كما يحب زملاؤنا في الأدب ومن هم كتاب القصة تحديداً الذين يفضِّلون. مصطلح «السرد» بدلاً كلمة قصة ولم الحق فيما يرون لمعرفتهم بذلك.
ومن هذه الكلمة أعني «السرد» سأسرد ما دار بيننا بعد أن علم الآخرون بكل ما دار بيننا منذ ولدت بعد حملها الذي طال. حتى أكاد أزعم أنه الأول من نوعه الذي مرَّ علي في رحلتي الفنية.
جاءت إلي لتعتذر عمَّا بدر منها بعد الفعلة التي علمتم بها أيها السادة والسيدات الكرام، حيث وردت إلي أقوال ومطالبات من قبل البعض منكم بالاستمرار بكتابة أحداث قصص حالاتي مع لوحاتي التي مجازاً أعتبرها من بنات أفكاري التي أعبر بها عن مشاعري وأحساسي مرايا أضع فيها البوح لمن يقرأ تلك النصوص البصرية وهي ميالها من لحظة كنت تمنيتها من قبل الذي صار بيني وبينها بالمس، الأجناس الأدبية. ولو اختلفت في أشكالها التعبيرية إلا أنها تعد نصاً أدبياً، وله لغة ومفردات وأبجدية يتعلمها من يريد أن يتعرّف عن التعبير البصري الأدبي.
ولما همت تعتذر إلي وهي منكسرة! تقترب مني وانحنت علي أذني اليسرى توشوشني. وهي تعلم أني وحدي, لكن من خجلها تريد أن تبوح بالاعتذار! ولا تريد أن أذني الأخرى تسمعها.
أتدرون لماذا كل هذا الانكسار الذي ما سرني أن أراها فيه ولا تمنيته يوماً لغريب فكيف بمن هو في الأصل يحمل اسمي وتفاصيلي ومشاعري. ولكم أن تتصوروا أن كل ذلك من أجل أنني وضعت لوحة بيضاء بجانبها وعلى حامل آخر قريب جداً منها. لغرض البدء في الركض في صحراء قاحلة لا فيها لون ولا خط لأثر! أو طريق أهتدي به إلى ما أنوى سلوكه في فضاء من النقاء والصفاء يحتار العقل من أن يبدأ خطوته الأولى التي إلى غايته يمكن أن توصله! أو قد لا توصله!
وهذا الذي يمكن أن يحدث لي أو لغيري! من الذين في أكثر الأحوال، الإبداع هو الذي يكتبك! قبل أن تكتبه، ترسمه!
ومن همسها في أذني سأخبركم به، بما أنكم مطلعون على بعض مما قالت من قبل.
المهم أن كل تلك الكلمات لم تفلح بأن أتراجع عن قراري الذي اتخذته، ولم التفت اليها! وكأني لم أكن بالأمس في وداد حينما كانت تبوح لي بالحب والود الذي جلعنا نغيش سوياً لحظات كنت أظنها لن تنساها مدى العمر!
فبدأت ببسم الله ثم بالرحلة في الفضاء الذي هلل بي وهو يبتسم!
أخذت قلم الفحم بيدي اليمنى مسرعاً! في لحظة كانت فبها لوحتي الأولى المتمردة! في تفكيرها منشغلة شاردة الذهن تنتظر! وأنا بأختها أتودد إليها مرة وبالسؤال لها بالجود علي فإني بالشوق أنتظر!
أبدأ رحلتي بالخط أجوب الفضاء وبيدي قلم الفحم الذي يطيع أمري، بل له يمتثل، حتى أشبعتها خطوطاً وأشكالاً لا تخطئها ألأعين ومن جلستي التي عادة أفعلها. أقابل محبوبتي التي تمدني من فيض حبها الماء والزاد المعين لي في رحلتي للتعبير عن مشاعر الحب والحوار الدافئ مما تفيض به معشوقتي حينما تغشانا لحظة الإبداع فيهطل القطر وتزهر الألوان وتنبت الله أكبر الأشكال والرموز! فننتشي بالفرحة والسعادة تغمرنا والنشوة بميلاد العمل الجديد فكراً حراً كنا سوياً الذين جاد علينا المولى وتحقق المراد! «والله أكبر» على أن منحنا من العمر ما نظن أننا نبدع أعمالنا وغايتنا السرور ومشاركة الآخرين السعادة وأن بأعمالنا الكل يستمتع!
بالمناسبة العمل الجديد «الله أكبر» فيه ملامح من العمل الذي يسبقه لارتباطهما بالاتجاه الذي أعرف به الحروفية العربية!
وهو الذي جعلني أعفو عن لوحتي المتمردة التي كان لتمردها أثر إيجابي في لخروج هذا العمل الذي يعد من أبرز أعمالي الحروفية. لأهمية منها أنه يحمل كلمة «الله أكبر» التي تحقق الهدف الأسمى وهو خدمة هذه الكلمة العظيمة أولاً ثم التأصيل والتأكيد على أن اللغة العربية وهي لغة الحياة والولادة ووعاء القرآن وأننا أبناء وأمة القرآن علينا الرفع من شأنها في كل المجالات الإبداعية ومنها الفنون البصرية!
أهديكم العمل الجديد «الله أكبر» لتمتعوا أبصاركم والله الذي أرجوه. أن يمتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقلوبنا. سلّم الله الجميع.
** **
- ناصر الموسى