ميسون أبو بكر
اليوم ليس بعيدًا عن البارحة؛ فما يصنعه أردوغان من فوضى يشكل صورة تكاد تكون طبق الأصل للنازي هتلر الذي بدأ باحتلال الدول المجاورة له، وحلم بالسيطرة على العالم. وهو إذ يعيد إلى أذهاننا الحلم الاستعماري العثماني الجديد الذي يتجلى واضحًا فيما يقوله ويفعله (هتلر الجديد) الذي سلب عقول الضعفاء من القوم بلبس عباءة الدين كستار لأطماعه، معتمدًا على الإخوان المسلمين المنتشرين في وطننا العربي كورم سرطاني، الذي أساءه فشل مخططاتهم في مصر التي نهضت لتقهر حلمه ومطامعه، لم يكفه الصراعات الداخلية والحرائق التي يشعلها بين الوقت والآخر في داخل تركيا، وقمع الحريات، إضافة لاعتقالاته المتكررة لسياسيين وإعلاميين وشباب ثائرين على سياسته، بل كبر فيه الغرور وتمادى لتكون أطماعه وتدخلاته خارج تركيا؛ لتصل فوضاه إلى ما حوله في العراق وسوريا وقطر التي أرسى قواعده العسكرية على أراضيها، ثم كبرت أطماعه فوصلت ليبيا عبر مغامرة كان اللاجئون السوريون وقودها، الذين دخلوا كعنصر أجنبي في ساحة القتال الليبي فتضعضعت موازين القوى على أرض المعركة.
تركيا التي زجت بهم في معركة ليبيا هي ذاتها التي تسببت لهم في أوضاع بالغة السوء على الأراضي السورية، ثم لا غرابة في رفضها المبادرة المصرية لحل الأزمة الليبية؛ لأنها هي من توقد فتيل الحرب، وتريد لليبيا أن تكون مستعمرة تركية، تنضم للإمبراطورية العثمانية التي يحلم بها السلطان المجنون.
تركيا التي عادت فأغلقت الحدود في وجه اللاجئين السوريين الذين اتخذتهم ورقة رابحة، تضغط بها على أوروبا، عادت فاستغلت أوضاعهم السيئة، وزجت بهم في حرب ليبيا.
ولا ننسى محاولاته في القارة السمراء التي أبطلها الانقلاب الجديد في السودان، فلم تفلح في جزيرة سواكن، وكذلك في مناطق أخرى بإفريقيا.
وإلى وقت كتابة هذا المقال أعلنت تركيا إطلاقها عملية «المخلب» النسر ضد حزب العمال الكردستاني شمال العراق؛ وهو ما يوسع دائرة أطماعها وخططها الشيطانية. ومن جانب آخر يعمل أردوغان وأعوانه على تشجيع السياح والمستثمرين بإقامة آمنة وسط طبيعة تركيا، واستثمارات انساق لها الكثيرون، ويروج لها مهابيل السوشيال ميديا الذين لا يلتفتون لعمق الأزمة وخطر الاستثمار أو السفر لتركيا.
لا يمكن ترك هذا الثعلب في مراعي دولنا العربية، وإن بدا للبعض واعظًا يرتدي بردة الدين والأخلاق. ولعل ما يختصر تصوري أبيات الشاعر الكبير أحمد شوقي:
برز الثعلب يوما
في شعار الواعظينا
فمشى في الأرض يهذي
ويسب الماكرينا
مخطئ من ظن يوما
أن للثعلب دينا