أ.د.عثمان بن صالح العامر
من المخاطر التي تلوح في الأفق هذه الأيام (الحزن) خاصة عند من يتابعون كل صغيرة وكبيرة تكتب وتقال عن جائحة كورونا سواء في باب السياسة والاقتصاد أو الصحة والاجتماع، ويتعمقون في قراءة وسماع ومشاهدة كل ما له علاقة بنظرية المؤامرة الشيطانية - الماسونية، التي خططت أن يكون عام 2020 التحرك الفعلي لإقامة حكومة إبليس العالمية الواحدة.
إن هذا النوع من الرجال ممن يحمل في قلبه الحزن صار مع مرور الأيام وتسارع الأحداث ذات الصلة بهذه الجائحة العالمية ذاكرة أحزان فهو كثيرًا ما يستدر تواريخ الحوادث المؤلمة والضربات الموجعة في التاريخ القديم منه والحديث، حتى الأشخاص إِذ ذكر عنده أحد من الرجال والنساء الأحياء منهم أو الأموات يسرد عنه ويسوق ما يبعث الحزن والأسى في النفس، ليس هذا فحسب، بل إنه يتابع بشكل دقيق ما ينشر في وسائل الإعلام من أخبار موجعة محزنة مؤلمة مخوفة، وبالتالي فهو الناقل الحصري لها في القروبات المسجل فيها، وهو المتكفل بالإعلام عن حالات الموت من كورونا وعدد الإصابات العالمية والتغيرات الجغرافية اليومية حتى صار هذا الإنسان جراء ذلك سوداوي النظرة المستقبلية، متشائمًا من كل شيء، لا يرى في الأفق إلا ما يسوء ولا يبشر بخير، وأنت إذا جلست معه واستمعت إليه قمت منه وأنت متسربل بالأحزان التي لا تكاد تغادرك وتنفك منك حتى تجلس إلى متفاءل يزيل عنك ما تلوثت به، فهو شخص يجيد فن قراءة الأحداث قراءة حزينة متشائمة ويحلل ما هو واقع تحليلاً موغلاً في السوداوية المفزعة التي تجعلك لا تنام.
هذا وأمثاله خطرهم عظيم في محيطهم الاجتماعي الذي يعيشون فيه خاصة على البسطاء، بل حتى على أنصاف المثقفين الذين يأخذون ما يسمعون منه على أنه الحقيقة النهائية التي لا جدال فيها ولا مهرب منها ولا محيد، ومن ثم يتولد لديهم ردود أفعال قد تصل بهم إلى العنف بأي شكل كان، سواء أكان عنفًا موجهًا للذات، أو أنه عنف ضد الغير لا سمح الله. لقد نسي هذا أو أنه غفل وتجاهل ما يرفل فيه من نعم لم ينلها أشرف الخلق على الإطلاق وأحبهم إلى الله عز وجل رسول الله محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، الذي كان في أحلك الظروف وأشد المواقف يبشر أصحابه ومن معه بغد مشرق ومستقبل مفرح لهذا الدين وأهله معرفة منه صلى الله عليه وسلم بطبيعة الحياة الدنيا، ويقينًا جازمًا بأن ما عند الله خير لعباده المتقين المتوكلين على ربهم الواثقين بما عنده، وهذا هو المأمول منا في واقعنا اليوم، ليكن التفاؤل ديدننا، والثقة - بما عند الله ثم بقيادتنا وولاة أمرنا وعلمائنا ورجال الصحة والسياسة والأمن والاقتصاد فينا - منهجنا، ولنترك القيل والقال، والخوض فيما لا نحسن، والتحليلات المرجفة، والتنبؤات الكاذبة، والأحلام المثبطة، من أجل سلامتنا وسلامة من نعول، ودمت عزيزًا يا وطني وإلى لقاء والسلام.