م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- نعيش عرباً ومسلمين منذ سبعة قرون تحت ظل التشكيك في كل شيء يحيط بنا.. وطول الأمد الذي رزحنا تحت ظله جعلنا نستمرئ جلد الذات.. فنفينا عن أنفسنا المدنية والعلمية والثقافية والعسكرية والاقتصادية.. إلخ.. ولم يبق لنا سوى الإرهاب والفقر والحروب الأهلية واتهامات الخيانة والفساد.
2- أحد المجالات التي مارسنا فيها جلد الذات أنه ليس لدى المجتمع العربي فكر.. ونسخر من دعوات تجديد الفكر العربي.. فكيف تجدد غير الموجود أصلاً؟! كما نسخر من الصفات والنعوت التي تطلق على الأشخاص المهتمين بالفكر فنسميهم «رموز الفكر العربي ورواده».. فهناك مبشرون بالتنوير في أحسن الأحوال لا رواداً للتنوير.
3- للحكم على أي شيء يجب النظر إلى منتجاته.. فماذا ترون؟ هل لدينا فكر عربي بمقدماته ونتائجه ومنتجاته؟ وإذا كان تعريف الفكر هو مجموع المنتجات والمناهج الناشئة عن عقل أو تكامل عقول.. فما هي المنتجات أو المناهج الفكرية الناشئة عن العقل العربي؟
4- في أوروبا انتشر الفكر الإغريقي، ثم الروماني، ثم تسيد الفكر المسيحي ووصل إلى أعلى مستوياته إبان حقبة العصور الوسطى الأوروبية.. حتى بدأ سطوع الأنوار على أوروبا أواخر القرن الخامس عشر ثم قيام الثورة الصناعية في آخر القرن السادس عشر.. ثم ظهر الفكر الأوروبي لا المسيحي بعدها بمنتجاته ونتائجه.. مقابل ذلك نجد أن الفكر الإسلامي هيمن على الأمة العربية.. والمشاهد أن العرب لم يخرجوا بعد من عصورهم الوسطى.. لذلك فلا يوجد فكر عربي بمنتجاته ونتائجه.
5- إذاً فهناك فكر غربي حيث البدايات والنتائج والمنتجات من الإغريق حتى عصر التنوير الأوروبي.. فقد أُسست مناهج وأُخرجت منتجات يتحرك العالم كله من خلال مناهجها في عصرنا الحاضر.. وهناك الفكر الإسلامي الذي ندعي بأنه فكر عربي وهذا يعد تجنياً على الحقيقة.. فمناهج الفكر لدى مذاهب الإسلام ليست عربية بل إسلامية صرفة.. وكذلك المنتجات الفقهية كأصول الفقه والجرح والتعديل، وعلم مصطلح الحديث، وعلم الكلام، كلها منشأها العقل الإسلامي لا العقل العربي.
6- ثم دعونا ننظر في المناهج والمنتجات الناشئة عن العقل العربي ونسأل أين هي؟ فلا نجد ما يمكن أن يشكل فكراً عربياً.. وحتى بالنظر إلى المنتجات المتناثرة سوف نجد أن كثيراً منها لا يزيد على كونه إعادة إنتاج للثقافة الإسلامية.. والباقي إعادة إنتاج للثقافة الغربية.. ولن تجد فكراً عربياً مستقلاً عن هاتين الثقافتين.. من هنا يخلص بعضنا إلى نتيجة أنه لا وجود لفكر عربي.. وأن الذي يدور في الساحة الفكرية العربية مجرد أطروحات مستعارة.. وناقلها مجرد وكيل يسوق فكراً آخر غربياً أو إسلامياً.
7- يضيف المحللون أن الحكم بعدم وجود فكر عربي لا يعني عدم وجود مفكر عربي.. فالفكر العربي الذي ينفونه يخص المنتجات.. أما العروبة فهي أصل ثقافة المفكر.. ولكن لا يملك المفكر العربي إلا أن يفكر في موضوعه على مناهج غير عربية فلا وجود لمناهج عربية.