د. محمد عبدالله العوين
حيرتنا منظمة الصحة العالمية بتصريحاتها المتناقضة حول كثير مما يتصل بكورونا (كوفيد- 19) كتصريحها عن إيقاف العلاج بـ (هيدروكسي كلوركين) الذي بدأ 35 بلداً بمشاركة 400 مستشفى في استخدامه للعلاج من الفيروس، وحصلت استجابات مقبولة لدى آلاف المرضى؛ ثم فجأة أصدرت المنظمة تحذيراً بضرورة إيقافه مما أحدث ارتباكاً كبيراً في الأوساط الطبية، وقس على ذلك موقف المنظمة من عقار (أيبو بروفين)، فقد شككت في نجاعة العلاج به وأظهرت احتمال حدوث سلبيات كثيرة لدى المصابين بكوفيد - 19 مما أوقع الأطباء الذين أوصوا به في حرج كبير.
ولم تنته الحيرة التي أصابت العالم من الارتباك الذي يسم مواقف المنظمة العالمية؛ فكان من المواقف المضطربة الأخيرة الإجابة عن: هل ينتقل الفيروس من المصابين به الذين لا تظهر عليهم أعراض المرض إلى الأصحاء؟ أجابت على لسان رئيسة وحدة الأمراض حيوانية المنشأ ماريا فان كيرخوف: إن انتقال العدوى «نادر للغاية» بيد أن هذا التصريح الذي أسعد كثيرين لم يكمل أسبوعاً واحداً حتى فاجأت العالم بالتراجع عنه واعترفت بأن نسبة كبيرة من العدوى يمكن أن تنتقل من المصابين الذين لم تظهر عليهم أعراضه!
ومما حيّر العالم إضافة إلى ما أوقعتهم المنظمة فيه من اضطراب نفسي وعدم وضوح رؤية عن الدواء وانتقال الفيروس ما قالته عن عدم جدوى ارتداء الكمامة، فهي - كما ترى المنظمة - لا ضرورة لها إلا حين يتعامل الأطباء والممارسون الصحيون مع مصابين ظهرت عليهم أعراض المرض، أما من التقط الفيروس ولم تظهر عليه أعراض فلا ضرورة لارتداء الكمامة حين التعامل معه أو الابتعاد عنه مترين. لكن المنظمة لم تصمد إلا أياماً قليلة ثم غيّرت رأيها في الكمامة والتقارب المجتمعي وأكدت أن ارتداءها ضرورة في كل الحالات مع المصابين الذين أظهروا استجابة للمرض أو أولئك الذين التقطوا الفيروس ولم تبد عليهم أعراضه!
حتى أنا أصابتني الحيرة من مواقف المنظمة؛ فما عدت أدري ما أكدته وما نفيته من آرائها المرتبكة!
وإذا كانت المنظمة العالمية التي تكونت عام 1948م بمعنى أنها عريقة وليست وليدة اليوم غير عارفة بموضع رأسها من رجليها في التقارب أو التباعد ولبس الكمامة أو خلعها واستعمال دواء دون آخر وطريقة انتقال الفيروس؛ فماذا ستقول عن نشأته وأين تولد ومن نشره وكيف وهل هو سلوك عفوي أم مقصود؟!
لا نشكك أبداً في سلامة نيّة المنظمة العالمية؛ فهي قد تعذر بعدم وجود تاريخ طويل لهذا الفيروس المستجد المختلف عن منظومة فيروسات الإنفلونزا المعروفة؛ لكن الشك لن يذهب بعيداً عن احتمال وقوع ضغوط سياسية عليها في مسألتين: النشأة والانتشار المسكوت عنهما، وتغيير الوصفات الطبية على حسب ضغوط شركات الدواء العالمية.
ارسي على بر يا منظمة الصحة؛ فليس كورونا وحده الذي أصاب العالم بالدوار والقلق والخوف من المجهول، بل تصريحاتك التي تشرق وتغرب كل يوم!