د. صالح بكر الطيار
الفقد مؤلم والرحيل مفجع خصوصاً إذا ما ارتبط بمن يمثّل لك أخاً وصديقاً ورفيقاً.. فقدنا يوم الجمعة الماضي ابن عمتي الشيخة سعاد الطيار الراحل المهندس عبدالعزيز عمر الناصر -رحمه الله- في خبر جعلنا وأسرتنا وأسرته وحتى معارفه وأصدقاءه في سرادق عزاء واحد ومصاب جلل.. فقدت أغلى الأقارب على قلبي حيث ترافقنا كثيراً في رحلات وسفريات بالداخل والخارج وكان يمثّل الأخ الأصغر وكنت أعده في مقام إخوتي تماماً وقد لمست فيه -رحمه الله- منذ صغره حبه للخير وعشقه للإحسان وإعانة الملهوف وعمل المعروف في كل أوجه العطاء التي اشتهر بها ونحن لا نعلم إلا اليسير منها فماذا خبأ في سجلات أعماله التي يعلمها العليم الخبير. رغم غربتي في فرنسا إلا أننا كنا نلتقي في زيارات العائلة ومناسباتها وعلى وصال مستمر وكان رجلاً قيادياً من الطراز الأول ومهندساً بارعاً في عمله ورجل خير ساهم في تأسيس الأوقاف والمبرات ولم يكن ينظر لا إلى المناصب ولا الأموال وإنما كان جلَّ اهتمامه أن يكون قريباً من الجميع حنونا بهم عطوفاً عليهم فربى أبناءه وبناته على التدين وعلى حب الناس فحفظوا القرآن وتعلّموا في أرقى المواقع التعليمية وكان يبذل من وقته وماله لإسعاد غيره فكان يتفقد أحبابه ويواصلهم رغم انشغالاته الكبرى في مجال الاستشارات والهندسة والمال والأعمال ويحرص على شؤون أقاربه وأحوال جيرانه كان صافي النوايا نظيف اليد طاهر القلب والروح.. محبوباً من الجميع.. كان مجموعة إنسان في شخص واحد، درس وكافح لصناعة مستقبل أبنائه وكان سفيراً من سفراء طيبة الطيبة ينقل عن أبنائها في أعماله محاسن الأخلاق ونموذج الرقي في القول والعمل. وظل باراً بوالدته واصلاً لرحمه مفتاحاً للخيرات التي وزعها في تفريج الهموم وسداد المديونيات وتنفيس الكربات فسخّر وقته وحياته لخدمة وطنه وشارك في لجان حكومية وأعمال وطنية مشرفه وظل حتى وفاته -رحمه الله - في سباق مع الزمن حتى ينهي مطالب المحتاجين ويلبي احتياجات الفقراء ويتابع بنفسه أحوالهم حتى النهاية.
فقدنا علمًا من أعلام العمل الخيري.. فقدناه جسدًا ولكن روحه تسكننا وأعماله وبصماته وصدقاته الجارية ينبوع من العطاء يوزع الخير في كل اتجاه.
كان رجل أفعال قبل أن يكون رجل أعمال شكَّل أنموذجاً أتمنى أن يحتذي به رجال الأعمال في مد يد العون والمساعدة لمجتمعاتهم ومن أراد أن يعرف سيرته فعليه أن يسأل عن مناقبه وفضائله التي ملأت الأماكن واستوطنت القلوب.
رحمك الله يا ابن الأكرمين، أيها النقي الكريم النبيل، وعزاؤنا لأنفسنا وأبنائك وبناتك ومحبيك، وكل من يعرفك ويبقى سلواننا فيما قدَّمته أياديك البيضاء من إسعاد الناس ونفع الآخرين وإدخال السرور عليهم وما قدّمت من سخاء عظيم ستجده في موازين حسناتك.