أحمد بن عبدالرحمن الجبير
بعد أزمة كورونا بدأت الدول تنظر باهتمام كبير للهياكل الاجتماعية، وتعزيز استقرارها الاقتصادي، ودعم دورها الإنتاجي، وجعلها ضمن الخطة الاستراتيجية في التحول الاقتصادي، وتطوير الإنتاج، وعدم الاعتماد على النفط، وجعلها قوة اقتصادية، لا تعتمد على سلعة أحادية الجانب.
ولهذا فإن التوجُّه نحو تطبيق منظومة الشمول المالي يُعد وسيلة فعّالة لتعزيز الأنظمة المالية والمصرفية، وتعزيز الأمن المجتمعي، وحصول الأفراد والأُسر والمنشآت الصغيرة على الخدمات المصرفية بتكاليف معقولة، وتحقيق التنمية المستدامة، بما يتوافق مع مبادرات الرؤية السعودية 2030م.
هذه المبادرة يستفيد منها ذوو الدخل المحدود، وسكان المناطق النائية، الذين يعانون من العزلة والتهميش؛ فالشمول المالي سوف يسهم في مساعدتهم، وتحقيق احتياجاتهم، وتعزيز المساواة الاجتماعية والاقتصادية لهم في ظل التطورات الحديثة، واستخدام التقنية بصرف النظر عن الدخل المالي.
وقدَّمت دولة بنغلاديش نموذجًا رائعًا في التوازن المالي بين الغني والفقير؛ إذ أسس الخبير المالي محمد يونس بنك الفقراء عام 1983م، باسم (مصرف جرامين Grameen Bank)، وتعني بالبنغالية مصرف القرية، وكان أول مصرف في العالم، ويقوم بتوفير القروض للفقراء والمساكين والمحتاجين.
ولنا في برنامج الخليج العربي للتنمية (أجفند) القدوة الحسنة، الذي أسسه الأمير طلال بن عبدالعزيز -رحمه الله- عام 1980م قبل بنك الفقراء. ويسعى (أجفند) إلى الحد من الفقر، ودعم جميع شرائح المجتمع، والفئات الفقيرة، وتعزيز التنمية المستدامة، وتحقيق الشمول المالي للمهمشين في المجتمع.
كما ساعد برنامج (أجفند) منذ تأسيسه في تمويل 2500 مشروع في 135 دولة، وتجاوز المستفيدين 5 ملايين فرد، و200 مليون دولار، تضخ سنويًّا في مختلف الأنشطة، ومحاربة الفقر، وتمكين الفرد والأسرة، وطمأنتهم على مستقبلهم. وأطلق (أجفند) مبادرته بتأسيس بنوك للفقراء في المنطقة العربية وإفريقيا وآسيا.
فالشمول المالي يعتبر الحل الوحيد لمشكلة الفقر، خاصة في ظل أزمة فيروس كورونا، وتداعياته، ويعتبر مسؤولية جميع الجهات المالية، والبنوك المحلية والمعنية والمسؤولة عن الفقر، ويفترض تأسيسه في القرى النائية والريفية، والاستفادة منه في حل مشكلة ذوي الدخل المحدود والمحتاجين والفقراء، ومساعدة الأفراد، والأسر المحتاجة، وبعض شرائح المجتمع المهمشة للحصول على الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية، وفتح الحسابات الجارية والادخار، ومنحهم القروض الصغيرة ومنتجات الاستثمار، والرهن العقاري، والتأجير التمويلي، وأنظمة المدفوعات الرقمية، والتحويلات المالية.
فنأمل أن تطبق فكرة برامج الشمول المالي في المملكة؛ لتسهم في دعم صغار المزارعين والصناع، ومساعدتهم في التوسع في الإنتاج، دون الخوف من الكوارث؛ إذ إن المملكة من أهم الدول التي تسعى إلى تعزيز وتطوير قطاعها المالي والمصرفي، وتحقيق الشمول المالي لجميع شرائح المجتمع.
وعلى بنوكنا دعم برامج الشمول المالي، ومنح جميع شرائح المجتمع الفرصة، وتخفيف معاناتهم، ودعم المشاريع الصغيرة، والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية الوطنية، وتفعيل المسؤولية الاجتماعية، ودعم الأعمال الخيرية في ظل توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله-.