فهد الحوشاني
سأتحدث عن الدراما التي يتم إنتاجها وبثها على غير قنواتنا الرسمية، وهي قنوات مشاهدة بشكل جيد. وِتحرص تلك القنوات على الأقل في رمضان أن تنتج عملين محليين مستهدفة المشاهد السعودي. وشهادة حق فقد قدمت عبر تاريخها مسلسلات (مهمة) جسدت شخصيات وأحداثا عربية وإسلامية فارقة، كان المشاهد العربي بحاجة إلى مشاهدتها والاستمتاع بها فنيا. لكنها عندما تتوجه للدراما المحلية تقدم لنا دراما بسيطة متواضعة تتناول قضايا سطحية في مجتمعنا وبنهج مكرر!! ظاهرها الكوميديا وباطنها الارتجال والاستخفاف بقدرة المشاهد على التفريق بين فن محترم متكامل البناء وفن (مسلوق)! لتخرج تلك الأعمال بمستوى لايمكن مقارنته بما تنتجه من مسلسلات مصرية أو سورية أو كويتية فيا ترى ماهو السبب!؟ لماذا إنتاج الأعمال المحلية هو الأضعف والأقل بين مثيلاته في الدول العربية!! هل هو في توجه من يقومون على تلك القنوات أم في من يقومون على تلك المسلسلات!! هناك آفة مازالت الدراما المحلية تعاني منها وهي استسهال أمرها، وأن عددا من الاسكتشات في الحلقة تفي بالغرض، وأن الدراما المحلية يمكن تقديمها بأقل المواصفات!! بما يشبه درجات الصناعة الصينية! فهناك نخب أول ونخب ثاني ونخب بلا مواصفات! ويجزمون أنها ستحقق الرضا لدى المشاهد السعودي! لكن المشاهد الآن تغير وتغيرت مفاهيمه ومداركه!! وللإنصاف لن ننسى مسلسل هوامير الصحراء ومسلسل العاصوف الذي يعتبر علامة فارقة بذلك اللون (الاستثنائي) الجديد، مسلسل متصل حاول كثيرا أن يلامس حياة السعوديين في (نجد) خلال فترة ما. وإن كان هناك ملاحظات على السيناريو والأداء والرسائل التي تضمنها العمل. وأيضا مسلسل (حارة الشيخ) والذي جسد الحياة في المنطقة الغربية.
غير ذلك فلقد قدمت تلك القنوات خلال السنوات الماضية عددا من المسلسلات التي لا ترتقي إلى المستوى المطلوب منها دراميا.وبعض تلك القنوات محسوبة علينا بشكل أو بآخر، ولهذا فمطلوب منها أن تساهم في إنتاج دراما سعودية حقيقية
وبتقديم صورة جيدة عن الإنسان السعودي، أو على الأقل تقدم تلك الصورة ضمن الرسائل غير المباشرة في العمل، أو (أضعف الإيمان) ألا تقدم صورة سلبية عن المجتمع. خاصة في هذه المرحلة التي تواجه فيها المملكة المستقبل برؤية 2030 وتواجه أعداء ومؤامرات، ومجتمعا أغلبه من الشباب نحتاج ألانشوه صورة المجتمع لهم. فنحن في مرحلة بناء نحتاج أن نعزز لديهم كل ما هو جيد وجميل في المجتمع ونقدم القدوات التي نعتز بها وألا نركز على السلبيات التي تطرقنا لها كثيرا.
وإذا كان (الفن رسالة)! فما هي الرسائل التي تريد تلك القنوات وفريق عملها إيصالها من تلك الأعمال الضعيفة التي شاهدناها في هذا الرمضان وماقبله!؟ نحتاج مسلسلات اجتماعية حقيقية ومسلسلات (وطنية) مماثلة للمسلسلات التي تنتجها تلك القنوات في مصر وغيرها! مالذي يمنع؟ كل الإمكانات موجودة، والمادة التاريخية والدرامية متوفرة، والأبطال منذ تكوين السعودية الأولى حياتهم ونضالهم وسيرهم تستحق التطرق لها. وعلى سبيل المثال يمكن أن تقدم مسلسلات (تاريخية) تتناول المسكوت عنه (دهرا) من جرائم الأتراك، وبإساءة (أردوغان) المستمرة للمملكة، فلقد فتح الباب على مصراعيه لكي نرد من خلال إنتاج مسلسلات عن بطولات رجال ضحوا بحياتهم من أجل وطنهم، فماحدث في الحجاز والجنوب والقصيم والدرعية والأحساء وغيرها وما قدمه أجدادنا من تضحيات في مقاومة الغزو التركي، هي مادة خصبة تكفي لصنع عدد من المسلسلات.
لقد قدم النجوم الذين نحبهم كل ما يستطيعون في مسلسلات كثيرة، أقل ما يقال عنها انها (نسخة طبق الأصل)، تكررت كركتراتهم وجملهم وأساليبهم وحتى حركات أجسادهم وتعابير (وجيههم)! ولهذا فإن استمرارهم (صعودا) أصبح من الصعوبة، إلا من خلال اختيار نص مختلف وورشة عمل حقيقية (تشتغل) على النص دراميا (وتفلفل) رسائله الظاهرة والمبطنة، ننتظر من تلك القنوات أن تكون على مستوى الطموحات، وألا يقل ما تقدمه للدراما المحلية عن ما تقدمه للدراما العربية.