سلمان بن محمد العُمري
كان الوفاء سمة عامة للمجتمعات والشعوب الإسلامية، بل من الخصال المحمودة في عادات وأخلاق العرب فلا ينعدم الوفاء إلا عند اللؤماء، وتجد الرجل العربي الجاهلي يحفظ ويوفي بالعهد ويقدم الوفاء ويقر بالمعروف لمن أسدى إليه الجميل.
وحينما جاء الإسلام عزز الخصال الحميدة والأخلاق الكريمة، وقال صلى الله عليه وسلم: (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)، فصار من سمات وصفات المسلم حسن الأخلاق ومنها حفظ المعروف ورد الجميل ومقابلة الإحسان بالإحسان, والمكافأة للمعروف بمثله أو أحسن منه والدعاء لصاحبه: قال -تعالى-: هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ الرحمن:60، وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لاَ يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لاَ يَشْكُرُ النَّاسَ) (رواه أحمد وأبو داود.
وفي هذا الزمان قل الوفاء في الدول والمجتمعات والأفراد حتى أصبح نادراً، وصار الجحود والنكران سمة غالبة على الناس إلا من رحم الله، بل أصبح الكثيرون يقولون ويرددون: اتق شر من أحسنت إليه، وهذا ما نراه عياناً.
المملكة العربية السعودية قدمت وقدمت الشيء الكثير لإخوانها وأشقائها وللإنسانية جمعاء في المحن والأزمات والشدائد ما لا يحصى، وينعم فيها الزوار والمقيمون بمعاملات لا يجدونها في ديارهم، وفي بلدان شقيقة وصديقة، هناك من يسكن في منازل بنيت بمنح من المملكة ويدرس أبناؤه في مدارس وكليات بنيت من المملكة ويعالج في مستشفيات بنيت من المملكة ثم تجد ( لئيماً) تنعم بهذه الخيرات ويتطاول عليها ليلاً ونهاراً، وصدق الشاعر حين قال:
إذا أنت أكرمت الكريم ملكته
وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
والأوفياء الكرام ما زالوا بيننا وإن ندروا وقل عددهم وخبا صوتهم وخلت ساحتهم.
لقد وصلت إلي رسالة كريمة زودني بها أحد الأصدقاء وكاتبها أخ سوداني شقيق ممن حفظ الجميل، ومن أهل الوفاء يقول فيها: (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، كلمة موجودة بخاطري من زمان أيها الشعب السعودي الطيب، يا كل سعودي مشى على هذه الأرض الطيبة إلى مواطن يقال سعودي لكم مني تحية لا تقاس بمدد ولا عدد من عامل إلى وزير، وإلى أمير، أنتم أهلي ولكم علينا أفضال بعد أفضال؛ والله عشنا بينكم وأولادنا تربوا في مدارسكم وتخرجوا منها وتعلموا القرآن. وأسسنا بيوتنا ومعايشنا من أفضال هذا البلد وكل وقف معنا من عامل ورئيس وبدون حواجز وجدنا الإخوان في كل شيء ولا حوجنا لي شيء قد أكون قصرت في التعبير لكن هو الواقع، عبركم أشكر الملك سلمان بن عبدالعزيز خادم الحرمين الشريفين، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، والسؤال المحير كل هذا قدمته المملكة لي، ماذا قدمت أنا للمملكة. أخجل.. لنا رب كبير رحيم حافظ، الله يحفظ الملك وولي العهد والشعب كلهم نساء ورجال، شيبان فقدناهم لهم الرحمة، نصيحتي للشعب السعودي، أنتم محسودون والحقد موجود من الخارج. تكاتفوا مع أبوكم سلمان، والشاب النشط الأمير محمد، وجدنا عندكم كل شيء واعطيتونا في زحام من النعم اللهم احفظ بلاد الحرمين الشريفين، واحفظ الملك، وولي العهد، والشعب السعودي عامة.
أمين أحمد العبيد - سوداني،
- لي بالرياض 45 سنة، ما شاء الله. المملكة في حدقات عيوني وأهلي).
هذا نص الرسالة لم أزد عليه أو أنقص أتركها بين أيديكم لتطلعوا عليها وشتان بين شاكر كريم وبين جاحد لئيم.
والمملكة العربية السعودية لن يثنيها نكران الجميل وعدم الوفاء وهذا الجحود والجفاء فهي ماضية في اعتزازها بمبادئها وقيمها ومسؤولياتها وتميزها وريادتها، ولأننا لم ولن نأبه بالجاحدين وقد اعتدنا نكران الجميل وجحوده ونسيانه من أصحاب النفوس اللئيمة، الذين خالفوا الدين والقيم والمبادئ والفطرة السليمة السوية وجحدوا بنعمة الله قبل أن يجحدوا أصحاب المعروف: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ أُعْطِيَ عَطَاءً فَوَجَدَ فَلْيَجْزِ بِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُثْنِ بِهِ، فَمَنْ أَثْنَى بِهِ فَقَدْ شَكَرَهُ، وَمَنْ كَتَمَهُ فَقَدْ كَفَرَهُ)، رواه أبو داود والترمذي.