أ.د.عثمان بن صالح العامر
كلما كبر الإنسان صار أكثر حاجة من غيره إلى الرعاية النفسية التي قد لا يتقنها ويعرف فنياتها البعض منا مع من حولهم رجالاً كانوا أو نساءً، معتقدين أن حال الشيخ الهرم كحال غيره ممن يتمتعون بالصحة الكاملة والقدرة على التحرك والانتقال بسهولة ويسر. وإذا كان هذا الأمر هاماً دوماً - أعني الرعاية النفسية - فهو حين الأزمات والملمات أهم وأكد، والعناية به أشد وأوثق. ولحساسية الأمر، ودور الوضع النفسي في إضعاف الجهاز المناعي لدى هذا المسن في مثل هذه الظروف التي نحياها ونمر بها منذ ما يربو على الأربعة أشهر فإنني أعتقد أن من الأهمية بمكان أن يكون هناك جهود توعوية للأسر التي بها كبار سن لكيفية إخراجه من (الجو النفسي) الذي نحياه جميعاً هذه الأيام عن طريق عقد دورات تدريبية عن بعد، ترشد وتثقف القريبين من هؤلاء المسنين في كيفية التعامل مع ضغوطهم النفسية جراء سماعهم أخبار جائحة كورونا العالمية، وكذلك محاولة صرفهم عن متابعة كل ما هو محزن ومزعج ومخوف لهم بطرق ذكية لا تسلبهم حرية الاختيار لما يشاهدون ويسمعون، وفي نفس الوقت توفر لهم الجو النفسي الذي يخرجهم من دائرة التفكير بهذا الداء وضحاياه خاصة المرضى منهم بأمراض مزمنة.
كما أن من الضروري ألا يترك المسن طوال الوقت لوحده مسمراً بصره بشاشة القنوات الإعلامية التي لا تراعي غالباً الاحتياجات النفسية لمن هم في سن الشيخوخة بل لابد أن يجدول الأبناء زياراتهم لوالديهم أحدهما أو كلاهما إن كانوا يسكنون بعيداً عنهما، مع واجب أخذ جميعاً الاحتياطات الصحية الوقائية قبل الدخول عليهما من تنظيف لليدين ولبس للكمام والسلام عن بعد والتباعد حين الجلوس إليهما وما إلى ذلك، ليس هذا فحسب بل الابتعاد كلية عن ذكر أخبار الموت والمرض وبث روح التفاؤل وقرب الفرج، بسوق كل ما هو مسعد وإيجابي من أخبار وقصص وحكاية.
والحديث عن الرعاية النفسية فيما ما ورد أعلاه لا يعني عدم الاكتراث بالرعاية الصحية الوقائية للمسن من قياس للضغط والسكر بشكل دائم، وانتظام أخذ العلاج، وتنظيم الأكل، وبرمجة النوم والاستيقاظ فهي كذلك أمور مهمة يجب أن توليه أسر المسنين جل اهتمامها. إذ أن كبير السن ليس قادراً بمفرده معرفة مواعيد أدويته في ظل كثرتها وتنوع مسبباتها، وقد يكل الأولاد هذا الأمر للخادمة فيكون عدم الالتزام وغياب الانتظام فيضعف الجسم ويكون عرضة لحمل فيروس كورونا لا سمح الله.
ومن يزور مسناً أو يسكن مع مسن فليكن على حذر شديد أكثر من غيره من أن يكون سبباً لنقل الفيروس لأحب الناس إليه، يقلل الخروج والاختلاط بالناس إلا عند الضرورة القصوى ولأقصر وقت ممكن، ويلتزم بجميع التعليمات الوقائية الاحترازية بحذافيرها فهي لم تصدر عبثاً أو تعنتاً وحباً لإنزال المشقة بالناس وإنما اتخذت على أسس علمية من أجل حماية الشخص نفسه والمجتمع من حوله. حفظ الله الجميع، ووقانا شر الأدواء والأسقام والأمراض، ورفع الوباء ودفع البلاء وأزال الغمة عن بلادنا المملكة العربية السعودية خاصة وعن العرب والمسلمين والعالم أجمع عامة، وإلى لقاء والسلام.