د. محمد عبدالله العوين
تأخرت كثيرا - فخامة الرئيس - في اتخاذ قرار حازم لوأد الفتنة بالسماح للحرس الوطني أو للجيش إن استدعى الأمر بالتدخل للقضاء على حالة الانفلات والسلب والنهب التي عمت أكثر من ثلاثين ولاية وما يزيد على ثمانين مدينة أمريكية.
تأخرت أكثر في تصنيف حركة (أنتيفا) بأنها منظمة إرهابية، وأنت تعلم ما هي هذه المنظمة، وما مبادئها، ومن يدعمها، ومن ينتسب إليها، وإلى ماذا تهدف، والأهم أنك على ثقة تامة بأن من يمولها ويهيئ لها فرص التحرك في الشارع هم ألداؤك من رموز الدولة العميقة من الديموقراطيين واليسار الذين يقفون صفا واحدا لضرب الاتجاه اليميني المحافظ.
التريث في اتخاذ القرار حين يكون ضرورة فشل ذريع، والتردد في المواجهة في اللحظة نفسها التي تحتمها استسلام لنتائج مخيبة منتظرة، بسبب عدم الحزم في مواجهة الخصوم.
هذا ما حدث بدقة منذ لحظة وقوع الحادثة المأساوية للرجل الأسمر جورج فلويد على يد ضابط أمريكي أبيض.
إن ما حدث في حالات كثيرة من استخدام الشرطة الأمريكية سلوكا عنيفا غير مبرر تجاه الأمريكيين السود من أصل أفريقي وقد كان محل سخط عام؛ سواء كان ممن وقع عليهم وبال ذلك العنف أو من منظمات حقوق الإنسان، وكان من الأولى سرعة المبادرة إلى وضع ضوابط دقيقة لأداء الشرطة.
كان الخصوم المتربصون ينتظرون فرصة سانحة لتأجيج الشوارع الأمريكية وتأليبها وإشعال وقود الفوضى لإسقاطك في الانتخابات القادمة أو ربما التعجل في الوصول إلى تحقيق آمالهم بعدم إكمال ولايتك.
انقسم الشارع الأمريكي تجاه هذه الحادثة المؤلمة إلى فريقين: المطالبون بحقوق الإنسان، وهم المتظاهرون سلميا الملتزمون بقواعد التظاهر حسب الدستور الأمريكي. أما الفريق الثاني فهم المنتظرون حدوث ما يسمح بالانفلات الأمني لاستغلاله في السرقة والنهب، وهم أناس فاسدون أو فقراء ومشردون وعاطلون أو من قذفتهم أزمة كورونا إلى البطالة، وعددهم يزيد على ثلاثين مليونا، ولكن الأخطر من هؤلاء جميعا الفوضويون المنظمون الذين يمارسون التخريب والتدمير والحرق لا بغرض السرقة والنهب كسابقيهم؛ بل لإحداث أكبر ضرر مدمر يمكن أن يقود إلى إسقاط النظام السياسي وإشاعة الفوضى؛ من باب الثورة والتمرد على نظام الحكم الفاشي - حسب زعمهم - وضرب الرأسمالية البرجوازية الحاكمة في مقتل تذرعا بتحقيق شيء من مبادئ الاشتراكية، منطلقين من مبادئ الشيوعية ورؤى اليسار المتمرد لليمين البرجوازي المحافظ، ولديك يقين بأن هذه المنطلقات هي التي تتكئ عليها حركة (أنتيفا) التي تزعم مواجهة الفاشية.
ومبادئ هذه الحركة ليست جديدة فقديما استخدمها الفوضويون لإسقاط دول؛ كما هي ثورة الزنج في بغداد 255- 270هـ أو البربر في قرطبة 399- 422هـ أو القرامطة في الكوفة 283- 466 هـ أو الثورة البلشفية في روسيا 1917م، وكان وقود تلك الحركات المهمشون والفقراء ومن عانوا من التمييز العنصري.
الأمر ليس هينا فخامة الرئيس، والتأخر في التصنيف والمواجهة الشجاعة قد يفوت عليك فرص النجاح على المستوى الذاتي أو الخروج بأمريكا إلى بر الأمان.