خالد الربيعان
السيد والأخ الفاضل/ جياني إنفانتينو رئيس الفيفا «الموقر».. أما بعد:
قمتَ أنت منذ أيام بإرسال رسالة للعالم أجمع، اتحادات أكثر من 190 دولة، بجميع لغات العالم الحية، الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والإسبانية والبرتغالية والألمانية. منذ ذلك الحين عزيزي إنفانتينو - وليس أنت قارئي الأشد عزة وقربًا - والاتحادات تعمل على فك شفرة الرسالة، ومعرفة مقاصدها، كذلك الصحفيون والخبراء.. الكل يفكر في مضمون الرسالة، بينما لم يفكر أحد في إرسال رسالة لك أنت ولصناع القرار الرياضي حول العالم!
هاأنذا أقول لك إن محتواها الجميل منك يدور حول: تركيز كل الجهود والعقول حول مستقبل الرياضة بعد انتهاء كورونا، كيف تستمر المنظومة واقتصادها في ظل أزمة مالية عصفت بالجميع بدءًا من الاتحادات، مرورًا بالأندية واللاعبين والجمهور، وانتهاءً بعمال الاستاد «الطيبين»!
السيد انفانتينو الموقر.. ربما لا تعرفني بشكل شخصي، لكني لا أكتب لأُرضي أحدًا، بل هي مواقف ستُسجَّل في حياة كل شخص، ستكون تاريخًا له، يشهد عليه. لا أجد أي مبرر، خاصة في ظل تهديد الموت لنا ولمن نحب في كل لحظة لإخفاء الحقيقة، أو مداراة الأوضاع، أو المراوغة كما الثعالب! السبب الأساسي لما نحن فيه هو «الفساد» الذي طال كرة القدم حتى توقفت تمامًا لأسباب قدرية، كانت لازمة! لنراجع مواقفنا كي لا يعيد التاريخ الحديث (كورونا) نفسه مستقبلاً!
لو تريد «الخلاصة»، أو»الزبدة» كما نقولها في المملكة، حتى أسهّل الأمر عليك؛ لأنك ستقرأ كلامًا وأفكارًا من جميع أنحاء العالم، يقول لك أي شيء إلا «التشخيص» الحقيقي، والأسباب التي أدت إلى ما نحن فيه؛ لكي تكون الأمور على ما يرام مستقبلاً يجب:
- تقنين مبالغ الانتقالات الفلكية والفضائية. يا سيد إنفانتينو، المايسترو زيدان ورونالدو «الظاهرة» ومارادونا «المعجزة» وبيركامب الملقب بـ»الكمبيوتر» لم ينتقلوا بهذه المبالغ رغم أن المواهب هذه الأيام لا تمتع، ولا تجبرك على الالتزام بمقعدك وتكمل الساعة ونصف الساعة! أصحابنا الإنجليز نشروا تقريرًا الاثنين في الديلي ميل - يمكنك البحث عنه - فيه القيم الحالية لأغلى «مواهب» العالم (ضحك)!: السيد مبابي لم يتعد 22 سنة، وقيمته 230 مليون باوند، مليار و94 مليون ريال! باقي الأرقام أشد إدهاشًا!
بينما ميسي مثلاً أصبح خارج العشرة الأوائل لمجرد أن سنه 32 عامًا رغم أنه ما زال «مرعبًا» بالملعب! وخرج رونالدو من قائمة أول 30 لاعبًا للسبب نفسه رغم تغييره شكل الكرة الإيطالية ومالياتها وسياحة بلد ناديه الجديد يوفنتوس ومنصات تواصله وتفجير سقف مبيعات متجره.. اسمح لي يا سيدي بوضع علامة تعجب..!.. علامة أخرى من فضلك..!
- استخدم تقنية الفيديو «VAR» داخل المدرجات!.. لماذا؟ لكي يعاقَب مَن يقوم «بالعنصرة» على اللاعبين. دعك - عزيزي- من شعارات الـRespect؛ لأنها - بالتجربة - غير مجدية، بل استعمل «الفار» لمعاقبة مَن يرمي بالموزة على اللاعب، ومَن يكسر الكراسي، ومن يحوّل آخر من إنسان إلى قرد.. لا تعاقب النادي على عنصرية جماهيره، بل اسجن «الفرد المخطئ».. قنن ذلك بتطبيق إلكتروني للتذاكر لو أمكن.. صاحب المقعد الفلاني هو صاحب الموزة.. وقتها العبرة ستقنع الباقين بالتزام القانون.. للأسف هذه هي الطريقة المجدية مع الإنسان!
- من فضلك ظاهرة الترويج للمثلية علنًا، تكفى!، إذا بُليتم فاستتروا، فكيف «تسوقون» لها!! صدقني - عزيزي الموقر- صعب جدًّا أن أرى قائد ليفربول هندرسون يرتدي الشارة «القوس قزحية»، أن أرى هاري كين يسجل ويحتفل بها.. ماذا لو ارتداها صلاح أو محرز؟!.. هذا فساد «عظيم».. لو تعلم.. يستحق 100 فيروس!
- الكف عن ظاهرة «الرشوة» لتسهيل الأمور، خاصة في ناحية البث.. استمر في تحقيقات الادعاء الفيدرالي للفاسدين؛ فهم السبب في نقل البث لطرف احتكره لأكثر من 20 سنة منذ نهاية التسعينيات، كان المحتكر يؤثر على شعوب بأكملها، تنزل خصيصًا لتملأ المقاهي رغم أنوفهم، يملؤهم الذل والمهانة بعد أن احتكر طرف ما «عربي مثلهم» مباريات منتخبات دولهم!.. ما هذا؟!.. ما هذا يا سيد إنفانتينو؟!
«أها»... أنت قلق!
إذا حاربت فقط هذه الظواهر، وقضيت عليها، فاعلم أن الرياضة سترجع كما كانت في الماضي، سيتمتع المحب لها «داخل بيته»، سيقول «الله» من قلبه على مواهب «حقيقية»، وليس أورامًا متضخمة بـ»الأنا» بفعل منصات التواصل الاجتماعي!
اهتم بالأكاديميات، أَلزِم الاتحادات بدوريات المدارس، خُذْ من «الأورام» وحوِّلها لمكافآت «مبهرة» للأطفال، أَلزِم الجميع بـ»قانون اللعب المالي النظيف» حقًّا، لا لنرى انتهاء المحاكمات بالتراضي! لا تخذلني يا سيد إنفانتينو، كل ما أخشاه هو تصريحك لأحد معارفك بأنك «قلق» من تحقيقات الفساد بالفيفا مع مسؤولين سابقين! أتمنى ألا يكون ما في بالي.. أتمنى أن لا.. وقتها ستذهب هذه الرسالة، وجميع الأفكار التي طلبتها أنت من دول كوكب الأرض، في مهب الريح!
- حكمة المقال: «عندما يقول لك أحد رجال المافيا أو الـ Wise Guys إنه (قلق) قليلاً.. فاعلم أنه (قلق جدًّا)»!.. من فيلم The Irishman.