د. عبدالرحمن الشلاش
يقول المثل «الله ما شفناه بالعقل عرفناه» وينطبق هذا المثل على كل العوالم الخفية التي لا يمكننا مشاهدتها وإنما فقط إدراكها عن طريق النقل والعقل. لذلك أنعم الله على الإنسان بالعقل ليتفكر ويتدبر ثم يدرك ما خلق الله من أشياء لا يمكن مشاهدتها إطلاقًا في صورها الحقيقية. مع تطور العلم صار بمقدور الإنسان أن يرى بعضًا من المخلوقات التي لم يكن يراها بالعين المجردة كونها متناهية الصغر عن طريق الميكروسكوبيات الضخمة بحيث تكبر حجمها مئات المرات ومثال ذلك الميكروبات والجراثيم والفيروسات وذلك في المختبرات المجهزة بأحدث التقنيات.
مؤكد أن جميع من على الأرض من البشر سمعوا بكورونا حيث هذا الفيروس الضئيل حديث الناس لكن الأغلبية العظمى لم يشاهدوه إلا عن طريق الصور المكبرة أو المقاطع. العبرة هنا ليست بضآلة هذا المخلوق وإنما بحجم الأضرار التي ألحقها بكل ما آتى عليه فخلف آلاف المصابين وآلاف الوفيات، وأوقف نبض الحركة إلى أدنى حد، وترك أسرارًا عجيبة سنحتاج لسنوات طويلة كي نصل لتفسيرها واستلال المعلومات منها.
رغم كل هذا الفتك هناك من يشكك في وجود هذا الفيروس أو على الأقل ينسج الأساطير والخرافات حوله، وربما استخدم نظريات لتفسير وجوده إن كان بالفعل موجودًا وأنه مؤامرة لتدمير العالم في تفسيرات تغلب عليها السطحية وفي بعض الأحيان السذاجة المفرطة لمحاولة إلصاق التهم في أي أحد قبل ثبوت الإدانة!
قبل يومين قابلت أحد معارفي لم أقابله منذ فترة وسألته عن الأحوال فقال: إنه وعائلته بخير فقلت وماذا عن وضعكم مع كورونا والحظر فرد الحمدلله، قلت له مطلوب يبقى الواحد في البيت، رد بلهجة عامية والله يا ابن الحلال يقولون جتكم كورونا وحنا ما شفنا كورونا ولا فيه إلا العافية! صدمت من كلامه وطريقته السطحية في التفكير وهو يرى مئات المصابين يوميًا والوفيات، ثم يهون الأمور بهذه الطريقة الساذجة!
أدركت حينها أننا ما زلنا بعيدين عن مستوى الوعي الجمعي، وعلى الرغم من أن هناك فئة كبيرة لديها درجة عالية من الوعي، ودرجة عالية من التطبيق والالتزام، إلا هناك نوعيات مثل صاحبنا ما زالت تشكل خطرًا على البقية بتصرفاتها وعدم انضباطها والتزامها، وهي نوعيات لا توقفها إلا الجزاءات المغلظة.