إنّ جاز التعبير كان لهذا الوباء الذي سيطر على العالم، وشغل الناس بطريقة أو بأخرى، فوائد وإيجابيات كثيرة، لعل أهمها على المستوى العام انخفاض تلوث الهواء نتيجة تقليل الحركة الصناعية والإنتاجية، وهذا ما أكده خبراء البيئة؛ فقد سمح ذلك للكرة الأرضية بأن تعيش في فترة نقاهة وتتنفس.
هذا الفيروس الضئيل الهزيل غير المرئي، الذي لا نستطيع أن نلمحه بالعين المجردة، وما حصل له من تداعيات على المستوى العالمي، ألهمنا الكثير من العِبر والدروس؛ ليتعظ الكثير منا. فبدقائق بل ثوانٍ معدودة تغيّر حال العالم أجمع، وتغيرت الكثير من المعادلات والأولويات. ما الذي تغير فيكم؟ وما العبرة التي قدمها لكم (كورونا)؟
قمت بطرح هذا السؤال في بعض مواقع التواصل الخاصة بي، وكان هناك الكثير من التعليقات التي لفتت انتباهي، التي إن دلت على شيء فهي تدل على وعي الكثير منا بعد هذه الظروف التي أجبرنا عليها هذا الفيروس. أذكر بعض تلك التعليقات في مقالي:
قال الأول: لقد تعلمتُ قيمة الحياة التي كنت أعيشها ولم تكن تعجبني؛ فالحمد لله دائمًا وأبدًا. أشعر بأنني نادم على الوقت الذي أضعته سابقًا. تعلمت أن أحب جميع تفاصيل حياتي، وألا أتذمر من الروتين اليومي؛ لأننا فعلاً كنا بنعمة وفضل من الله.
وقالت أخرى: إن قيمة الأشياء والنعم التي بين أيدينا حتى لو تعودنا عليها نسينا أو تناسينا أنها نعم مهمة، وبتنا نشعر بالبطر تجاهها؛ فيجب أن نحمد الله ليل نهار على النعم التي أغرقنا بها بكل معنى الكلمة، ويجب أن نستشعرها بكل حواسنا. واستفدت أيضًا بأنني أخذت استراحة من كل الأمور التي كانت تتعبني، وتأخذ من وقتي الذي كنت أضيعه عليها، واكتشفت أنها ليست بتلك الأهمية.
وتابعت حديثها قائلة: أكثر ما أثر بي أن دولاً متقدمة ومعتزة بتقدمها، ولا أحد قادر عليها، ومسيطرة على أغلب الشعوب، ومجهزة لأقوى الحروب، كان الله أكبر منها، وبفيروس صغير أرسله الله قام بإضعافهم، ولم يستطيعوا السيطرة عليه. فالحمد لله، وعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه الخير الكثير.
كانت أغلب التعليقات حول ما استفاده الناس منه في هذه الجائحة تدور حول أنهم يعيشون بنعم كثيرة، لم يكونوا قد استشعروها سابقًا. وأضاف بعضهم قائلاً:
صرت أقرأ أكثر بعد أن كنت قد أهملت ذلك. وأضاف آخر: زادت قوة العلاقة بيني وبين أطفالي وزوجتي بسبب جلوسنا في البيت. لقد فادتني العزلة الاجتماعية بإعادة ترتيب أولوياتي، وتفرغت لتربية أطفالي وتعليمهم مهارات جديدة.
وقال آخرون: جعلنا هذا الفيروس نكثف اهتمامنا بموضوع النظافة والتعقيم الذي أهملناه سابقًا، أو بالأحرى لم نكن نعطيه حقه. وإن عادة غسل اليدين بشكل دائم واستخدام المطهرات يجب أن تصبح عادة مستمرة.
الكثير من الفوائد التي تجعلنا نلتمس فعليًّا مقولة (رُب ضارة نافعة)، التي تجعلنا نصنع من المحنة منحة، ونستغلها بشكل إيجابي وجيد لصالحنا، وأن تكون نقطة تحول، ونثبت أن العالم بعد كورونا لن يكون كما كان قبلها.